دروس من سورة الأعراف في الاتصال  والمناظرة

مارس 20, 2025 - 17:23
دروس من سورة الأعراف في الاتصال  والمناظرة

 وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127(الأعراف

من المعلوم أن سيدنا موسى عليه السلام ترعرع في كنف فرعون، وان وجوده في قصره أمر طبيعي.

في أول الآية نقل الله سبحانه وتعالى عن موسى (وقال موسى)، ماذا قال؟ (يا فرعون) نلاحظ عدم استخدام أي لقب، ناداه باسمه الأول فقط، وهذا من باب التودد أولا ثم إن فرعون كان بمثابة الأب لسيدنا موسى عليه السلام، (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.) سورة القصص الآية (9)، والمناداة هنا للفت انتباه المستمع لما سيقوله المتحدث، وإعطاء المستمع انتباهه إلى المتكلم علما أن الآية تدل على أنهما في مكان واحد ولا يفصل بينهما فاصل وهذا النوع من المناداة فيها تحويل المستمع إلى مصغي، والإصغاء هو استمع له واليه أي استخدم الأذن للاستماع له واستخدم العين للاستماع إليه أي إلى جسده، والاستماع بالأذن والعين يسمى إصغاء. وهي أعلا مرتبة يقوم بها المرسل لتحضير المستقبل لاستقبال رسالته، والمناداة هنا حققت أمرا أخر مهم وهو تهيئة الحضور أيضا للإصغاء وعدم التشويش على الاتصال.

عند التخطيط للاتصال الفعال فان هدف الاتصال (الرسالة) يجب أن يكون واضحا، وفي الآية المذكورة سابقا فان هدف الرسالة (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيل).

حتى ألان قام سيدنا موسى عليه السلام بتهيئة المستقبل (فرعون) وبيئة الاتصال (عدم التشويش على الاتصال)  وهدف الاتصال ووسيلة الاتصال وهي الكلام بالمفردات والجسد، وحتى يحقق الاتصال هدفه فان على المرسل تقديم بيناته التي تساعده في تحقيق هداف الرسالة، وإقناع المستقبل بها وتنفيذها.

بما إن سيدنا موسى عليه السلام تربى في قصر فرعون فان فرعون يعرف جيدا أخلاق سيدنا موسى عليه السلام ومنها الصدق، لذلك قدم سيدنا موسى عليه السلام نوع آخر من المصداقية وهي (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ)، أي جدير بي ذلك وانأ كذلك.

نستدل من ذلك أهمية مصداقية المرسل حامل المهمة الرسالة في إقناع المستقبل بها، حيث مصداقية المرسل ستكون عاملا ايجابيا او سلبيا في تحقيق أهداف الاتصال.

ثم قدم ما يحمل من الخالق من بينة حيث قال (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وكأن سيدنا موسى يقول هذه البينة من ربكم وليست مني، ثم حول الخطاب من الفرد (فرعون) كما في صدر الآية (يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) إلى مخاطبة الجماعة أي كل من حضر المجلس ((قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، لم يقل جئتك ومن ربك، وكأنه يطلب مساعدة من حضر الحوار حتى يحقق هدفه في إقناع موسى بهدف الاتصال او مضمون الرسالة.

ثم عاد إلى توجيه رسالته وكلامه إلى فرعون لأنه أي فرعون صاحب القرار بقبول الرسالة وتنفيذها حيث قال (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيل).

في هذه الآية اكبر دروس الاتصال الفعال والتي تتضمن وضوح الرسالة وتحديد المرسل صاحب المصداقية الممتدة، والذي يتمتع أيضا بالبلاغة التي تمكنه من استخدام صيغة المفرد في المكان المناسب وصيفة الجمع في المكان المناسب، وكيفية التمييز بين ما يريد المرسل قوله اجتهادا منه  (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) وبين ما يجب أن ينسب لصاحب الرسالة الأصلي (إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وكذلك قدرة المرسل على حشد من حضر لصالح تحقيق هدف رسالته ومنعهم من التشويش على عملية الاتصال.

يحسب لفرعون بصفته مستقبل رسالة موسى عليه السلام قدرته على الإصغاء الكامل وعدم التشويش على ويحسب للحاضرين توفير البيئة الصحيحة لتتم عملية الاتصال بشكل فعال، ويحسب لفرعون أيضا فهم رسالة سيدنا موسى، والرد الحكيم عليها إذ قال (قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106(، إن حكمة فرعون انه قال: إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ، وهذا فيه حكمة تحييد موسى عليه السلام وعدم جعله خصم مباشر، فارجع فرعون الأمر للأساس الذي احتج به موسى عليه السلام (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، وهذا هو جوهر الأمر أن تبقى أي عملية الاتصال تدور حول الموضوع وعدم تحويلها الى مناكفات شخصية، حتى عندما استخدم فرعون موضوع صدق موسى عليه السلام (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ارجع الصدق إلى ما قاله موسى عليه السلام (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، ولم يشكك بمصداقية موسى عليه السلام، وهذا المنهج هو بالأساس قائم على تحقيق الهدف من الاتصال وعدم الانجرار إلى حوارات ومناكفات تبعد أطراف عملية الاتصال عن الهدف من الاتصال.

وكأن موسى عليه السلام ينتظر بفارغ الصبر هذه اللحظة من الاتصال والحوار الذي لا زال إنساني هادئ ومثمر، فما أن أنهى فرعون طلبه من موسى عليه (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (106)

حتى فام موسى بتحويل النقاش الشفهي إلى ممارسة عملية لاستخدام البينات  التي بحوزته لتحقيق هدف الرسالة، إذ نقل عنه الخالق سبحانه وتعالى ( فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ )(108),

بعد تقديم البينات الواضحة، تدخلت الحاشية، وانقسمت إلى قسمين الأول بطانة السوء اذ قالوا (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) (110) كان السحر في ذاك الوقت سيد الأعمال، لذلك كانت البينات التي حملها موسى من الخالق تناسب أعلى معرفة في زمن فرعون وهي السحر، لذلك بطانة السوء قالت ان موسى عليه السلام ساحر عليم يريد من سحره ان يخرجكم من أرضكم، وهذا تحريف لما قاله موسى عليه السلام أن أرسل معي بني إسرائيل وكان طلبه محددا ببني إسرائيل وان يكون ذلك بالحسنى والاتفاق، ان استخدام مصطلح يريد أن يخرجكم من أرضكم فيه تحريف وتحريض على موسى عليه السلام، إن هذا الأسلوب يستخدمه صاحب النفوذ والسلطة عندما يعجز عن كسب حوار بالدلائل والبينات والمنطق. ولكن حتى هذه الفئة من الحاشية أبقت منافذ الحوار مفتوحة عندما ختمت رأيها بسؤال (فماذا تأمرون) حتى لو اظهر النص (فماذا تأمرون) صيغة إنهاء الحوار والذهاب إلى إجراءات ضد موسى عليه السلام، إلى انه حمل مخرجا للقسم الثاني من الحاشية وتقديم مقترح مفيد قائم على أساسين الأول تأجيل  الحوار وليس إنهائه، والثاني تحديد شكل الحوار بما نطلق عليه اليوم المناظرة،  اذ قالوا ( قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)، هذا القسم من الحاشية قدم اقتراح الى فرعون  بطريق رائعة إذ جعل موسى وأخاه اثنين فقط، وطلب من فرعون حشد كل قوته من السحرة لمواجهة اثنان موسى وأخيه، وهذا ما يسمى بحشد القوى وإظهار القوة والتقليل من قيمة الخصم. هنا دروس مهمة منها عندما تجد أن الموقف أصبح صعبا يمكنك اللجوء إلى التأجيل وطرح بدائل يكون موقفك فيها أفضل، وان قوة الخصم الظاهرة لا تعني انه منتصر.

والمناظرة تحتاج إلى موضوع، والموضوع هنا صدق البينات التي أظهرها سيدنا موسى، والمناظرة تكون بين طرفين، يشكل موسى احد الطرفين وكل كبار السحرة الطرف الثاني، وكذلك فان المناظرة بحاجة الى مكان وزمان وجمهور، وتفصل الآية 59 من سورة طه ذلك (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)، فالمكان مكان الزينة وقطعا يكون معروفا للجميع، واليوم هو يوم الاحتفال بالزينة، والوقت هو الضحى، وان يتم حشد الناس لحضور المناظرة، هنا اكتملت أركان المناظرة، موضوع المناظرة وأطرافها، والمكان والزمان والحشد الشعبي. 

اشترط السحرة على فرعون أن يحصلوا على مقابل (وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (114) هم طلبوا أجرا إن غلبوا موسى عليه السلام، ولان الأمر مصيري بالنسبة لفرعون أجاب طلبهم وزاد عليه بان جعلهم من المقربين, كان طلب السحرة عادلا، الأجر إن غلبوا.

سير المناظر: في المناظرة التي تجري من جولة واحدة يكون الثاني في وضع أفضل حيث يتاح له المجال لمعرفة ما سيطرحه الطرف الاول أي البادئ ويعيد صياغة رسالته او رده بما يمكنه من دحض الطرف الاول، ولان السحرة كثرة ولهم باع طويل في السحر خيروا موسى عليه السلام (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) (115) اختار موسى عليه السلام الافضل له فقال (قَالَ أَلْقُوا)، (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (116)، ومن شدة تاثير سحرهم وصفه الله سبحانه بسحر عظيم.

نهاية المنظرة كانت بانتصار موسى عليه السلام (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119).

أما نتائجها على السحرة وهم طرف المناظر مع موسى عليه السلام ولأنهم كانوا على علم بان السحر عمل فيه خداع البصر وإرهاب الناس، وان عصا موسى تحولت حية وبلعت حبالهم، وان حبالهم اختفت فعلا تاكدوا ان بينات موسى من عند الخالق فامنوا فورا، () وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)، استخدم السحرة رب العالمين كما قالها موسى عليه السلام (وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (104) وزادوا رب موسى وهارون لأنه وزدهم بهذه الآيات او البينات.

ردود فرعون انحرفت عن موسى واتجهت الى السحرة، لان فرعون يعلم قوة تاثير السحرة في المجتمع، وان السحرة خرجوا عن امره وسلطته، ويدرك فرعون ان  السحرة سيتبعهم جزء من المجتمع، (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (123)، ثم اتهمهم (أي السحرة) بتدبير مؤامرة مع موسى، فخاطب السحرة وموسى معا (إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ)، واعادة ما قالته الحاشية السيئة في البداية (أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) (110).

استخدام قوة السلطة في قمع معارضيها، بعد فشل الحوار جاء كالعادة بأوامر مباشرة من رأس السلطة فرعون، وكان قد مهد لهذا الأمر بان اعتبر السحرة قد خرجوا من طاعته، وأنهم متآمرون لذلك اصدر اوامره بان قال (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) (124) فردوا عليه، ( قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) (126)  ثم انضم الجهلة والمغرضين والمنافقين في تأليب فرعون عليهم فقالوا، (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) فزاد في أدوات القمع والعقاب حيث قال  (قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (127(.

هذا ما اجتهدنا به لنبين مكونات الاتصال والمناظرة، والدروس المستفادة من جزء من سورة الأعراف.

هذا اجتهاد مني، فإن أصبت فالحمد لله وان أخطأت فمني واستغفر الله رب العالمين.

محمد قاروط أبو رحمه