البرغماتية العملانية في القضية

إنقسام الفلسطيني لأكثر من ٣٠ عام هو السبب الرئيسي في إضعاف الجانب الفلسطيني إقليمياً ودولياً، عملت بعض الدول الإقليمية والدولية على تغذية الإنقسام والتفرقة من خلال تبنيها خطاب طرف فلسطيني على الشرعية الفلسطينية عربياً ودوليا وتشغيل كافة أجهزة المراقبة على الشرعية وتزوير الحقائق لفسخها عن شعبيتها ما زاد من حدة الإنقسام الذي لم يسعد به سوى الإحتلال وداعميه ونحن طرفي النزاع!
في كل مراحل القضية كان الإنقسام هو الوقود الذي يحرق أي مخاض للوضع النهائي ويعطي الإحتلال عشرات الفرص للضم وتنفيذ مشاريعه متجاوزاً الإتفاقات والمواثيق الدولية وحجته أن ليس هناك طرفاً بالمقابل يريد السلام.
تقول اليونان: "لولا سيبيريا لما أتانا السقيع"
الحال عاش فينا عقود كثيرة دون مراجعة نقدية تحدد الأرباح والخسائر على صعيد القضية إنما كانت المراجعة دائماً عن المكاسب الحزبية وحتى الشخصية معززةً البغضاء والشحنة بين الصرعى، نحن صرعى أحياء نستدعي أطباء الخارج ليصرف لنا لائحة العلاجات والعلاج فينا ومنا.
الواقع هو الواقع لا يتغير بناءاً لطموحات ورغبات شخص او حزب ما، والواقع لدينا واقعين! واقع بَنى أُسُسِه على أحلام لسنين عديدة ليكون وهم وسراب يحسبه الظمأن ماء! والواق الذي أكل أطرافه الواقع الأول يجعله سلعة راكدةً تحتاج لتغير محتوياتها وحتى غلافها هذا القهر أُجْبِرنا جميعنا عليه ويجب أن يتجسد بسلاسة في حلةٍ جديدة فيها الكثير من المفاهيم والروايات الجديدة.
لا بد ان تعرف أن الكثير من المسميات الشعبوية إنتهى عصرها والقادم هو الواقعية مهما كان ثمنها هي مكسباً متواضعاً نسبةً لطروحاتنا السابقة ولكن الواقعية الأتية لا محالة أغلى بكثير من دفننا وقضيتنا إلى أن يشاء الله بعثها من جديد.
لا أطمح أبداً لموقع مسؤولية كبيرة لأنني سأختار الواقعية التي تُنجّي الرعية والقضية على الشعبوية التي تحصد الأخضر واليابس ولا تبقي ولا تذر.
أمامنا مرحلة جديدة للقفز من الميتافيزيقيا والتجريبية والتخطيئية إلى البرغماتية العملانية بإحتضان الدول العربية كالمملكة العربية السعودية والأردن ودولة مصر.
لماذا؟
رفضنا للتقسيم وإنقسامنا في إتفاق أوسلو وما تبعه جميعها دروساً تعلمنا أنَّ التفكير والكلام عن الطرق والحلول المتعددة والتجارب والتخطيئ لم تقودنا إلا لموضع الإستخفاف والهزيمة وإستمرار هذا النهج سيجبر الأشقاء والمتعاطفين على النأي ببلادهم عنا.
عيسى دياب