وللحرية باب

يناير 28, 2025 - 10:45
وللحرية باب

بهاء رحال

خرجت الدفعةُ الثانية من الأسرى الأبطال، وتنفسوا هواءَ الحرية، بعد أن قضوا سنواتٍ طويلةً داخل سجونِ الاحتلال، وكان بعضُهم محكومًا بالسجنِ المؤبدِ مرةً، وبعضُهم عشرينَ مرة. والمؤبدُ ضمنَ قوانينِ الاحتلال يعني السجن مدى الحياة. وفي مقاربةٍ حقيقيةٍ، فإنَّ أسرانا وُلِدوا من جديد، وخرجوا إلى الحياةِ بعد أن ظنَّ الاحتلالُ أنهم سيبقون في سجونِه إلى الأبدِ. ولأنَّ قيدَ المحتلِّ لا يبقى للأبدِ، كسرَ الأبطالُ القيدَ وخرجوا أحرارًا من عتمةِ المعتقلِ، وغياهبِ السجون إلى فضاء الوطن والحرية.

أيامٌ مشهودةٌ من أيام فلسطينَ التي عاشت ويلاتِ الإبادة الجماعية في غزة، وتعيش غطرسة غير مسبوقة في الضفة الفلسطينية والقدس، وهي لا تزال تتعرض لأهوال المقتلة، في الوقت الذي خرجَ الأسرى من غياهبِ النسيان والعذابِ والقهر والموت، وتنفسوا هواءَ البلاد، بلادِهم التي قدموا حريتهم لها قربانًا وفداءً. 

تنسمَ الأسرى هواءَ الحريةِ وخرجوا رافعين شارةَ النصرِ، وكانت هاماتِهم عاليةٌ برغم كلِّ ما تعرضوا له من بطشٍ وتنكيل، ومن حرمانٍ لكلِّ الحقوق، خاصةً بعد السابعِ من أكتوبرَ، حيث تحولت سجونُ الاحتلالِ إلى مقابرَ للأحياء، تجرع الأسرى فيها أشد العذاب والتنكيل. وما كان لهم أن يخرجوا إلا بمثلِ هذا التبادلِ الذي أذعن له الاحتلالُ، وأذعنت له حكومةُ التطرفِ والإرهاب.

خرجت طلائعُ الأسرى والمعتقلين، وكسروا قيدَ السجنِ والسجان رغمًا عن الاحتلال، ورغمًا عن إرادته الظالمة. وفي حفاوةِ استقبالِ الأهالي والجماهير التي خرجت لاستقبالهم، مشاهدُ من الفرحةِ والاعتزازِ وصورٌ من عظمةِ التضحيات التي قدموها سنوات وعقود من أعمارهم التي قضوها داخل المعتقلات وسجون الاحتلال.

إنها فلسطين، المسكونة بكل شيء خاص، استقبلت بالأمس أبناءها الأسرى وقد خرجوا رافعين شارة النصر، بهامات عالية، يقبّلون ثرى الوطن، وفي خطواتهم ذكريات من ماضي البطولة والفداء.

تحررت الدفعة الثانية من صفقة التبادل، وبانتظار المزيد من الأسرى الذين سيتحررون، ومع كل جولة تبادل خلال الأسابيع القادمة، تبقى الأنظار كلها تتجه إلى كوكبة جديدة تتنفس الحرية وتخرج من سجون الموت والاعتقال وتتنفس هواء الحرية.