الانتخابات التي تشغل العالم... لا تشغلنا
بهاء رحال
ينشغل العالم بالانتخابات الأمريكية وعلى نحو خاص هذه الأيام التي يتنافس فيها المرشحين الديمقراطي والجمهوري على رئاسة الولايات الأمريكية، بحيث تتجه الأنظار لترقب نتائج الانتخابات والإعلان عن الفائز الذي سيعتلي كرسي البيت الأبيض، بينما يسود مشهد من عدم الانشغال الفلسطيني بهذه الانتخابات، ولا ما يمكن أن ينتج عنها من فوز دونالد ترامب أو كامِلا هاريس، فحجم الانحياز الواضح والكبير لإسرائيل من كلا المرشحين والحزبين واحد، وهذه هي سياسة أمريكا الدائمة تجاه إسرائيل والتي لم تتغير منذ نشأ الكيان، فالانحياز الدائم وفي كل السنوات ومع كل حزب سواء الديمقراطي أو الجمهوري سمة باتت معروفة، ومعزوفة مقيتة دائمة، والعداء الواضح لقضية شعبنا وتقرير مصيره وحصوله على حقوقه المشروعة، نهج كل من كامِلا هاريس ودونالد ترامب اللذان تسابقا خلال فترة الدعاية الانتخابية على دعم الكيان وحكومته وحربه المتواصلة وتأييده في كل المحافل الدولية والأممية.
على نحو خاص فإن الفلسطيني غير منشغل بهذه الانتخابات، فلا يمكن أن يعول على موقف أمريكي بعد الذي شهدناه خلال أكثر من عام على حرب الإبادة في غزة، وبعد كل الدعم الذي دفعت به أمريكا للكيان، ماليًا وسياسيًا وعسكريًا، كما لا يمكن الرهان على أن أمريكا يمكن أن تغير مواقفها في المستقبل، فالمرشحان مجربان، والمرشحان أدلى بدلوهما خلال فترة الدعاية الانتخابية والتي شهدنا فيها تعصبًا وتشددًا كبيرين، في مواصلة الانحياز والدعم للكيان، وعدم الاعتراف بالحق الفلسطيني وبضرورة وقف الإبادة ومحاسبة حكومة الاحتلال على جرائمها، بل إن المرشحان تسابقا على التلويح بمزيد من توفير سبل الدعم للعنصرية المتطرفة والحاقدة التي بُنيت عليها أجندة حكومة نتنياهو المرتاحة جدًا، بعد أن وفرت لها الإدارة الأمريكية الغطاء كي تواصل إجرامها، وتواصل مجازرها وعمليات التدمير والخراب، وهي ماضية في سياستها ما دامت أمريكا غير معنية بوقف الإبادة ووقف عمليات التطهير العرقي.
وسواء نجح ترامب أو نجحت هاريس، فلا فرق في السياسة الأمريكية تجاه قضيتنا الوطنية وتجاه العديد من قضايا الشرق الأوسط، وإن الرهان على أن أمريكا يمكن أن تغير سياساتها أمر لا يعول عليه كثيرًا خاصة في المدى المنظور، الأمر الذي يفسر حالة عدم الاكتراث الفلسطيني بمن سينجح في هذه الانتخابات، فكلاهما يتهددان ويتوعدان، وكلاهما يعبران بانحياز تام للكيان، وكلاهما في ذات الرؤيا، وكلاهما أمران أحلاهما مُرّ.
في هذه الأيام التي ينشغل فيها العالم بانتخابات الولايات الأمريكية، لا ينشغل الفلسطيني إلا بمصائره في غزة والحرب التي أكلت منه ولم تشبع، وهو ممسكًا بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على أرضه ووطنه، ومواجهة المخططات التي تعدها حكومة الاحتلال، وتشكل خطرًا وجوديًا عليه، من خلال سياسات القضم والضم والتهويد والقتل جماعي والتطهير العرقي، أما بشأن أي المرشحين سينجح، فلا فرق لأن كلاهما وجهين لعملة واحدة.