أمريكا راس الحية التهجير هو الهدف بلا مواربة
أمريكا راس الحية التهجير هو الهدف بلا مواربة
هل ظل هناك مَنْ يخامره أدنى شك بأن البيت الأبيض هو مَنْ يقود الحرب والإبادة الجماعية ضد شعبنا في غزة؟ خلية واحد، من مليارات الخلايا، في دماغ اي عاقل ستصل به لهذه الحقيقة. لكن بين العديد من العربان الرسميين، وبعضهم عميل بلا خجل، ونفرٌ معزول تماماً من الفلسطينيين، فَقَدَ اية خلية كهذه. في التصريحات العلنية، في تزويد الكيان بأكثر القنابل فتكاً وتدميراً وقتلاً، في المشاركة داخل مجلس الحرب الصهيوني في وضع الخطط العسكرية وإقرارها، في تشكيل مظلة حماية سياسية دولية للكيان وجرائمه في الأمم المتحدة، أمريكا حاضرة كشريك ومقرر، لا بل وكقائد.
واضح أن الخلاف حول تفاصيل قوائم الأسرى المعروضة للتبادل كان الحافز لتوقف الهدن المؤقتة وصفقات التبادل، فالكيان يريد استثناء كل مَنْ أُسر بلباس مدني من تصنيف (عسكري)، فيما رفض تبادل الجثث دون اية اعتبار لحرمة جثثه،ـ اما تبادل كبار السن فاعتبرها كما يتضح أنها خاسرة تماماً، فاسرانا القياديين في السجون، كالبرغوثين، مروان ونائل، وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وغيرهم الكثيرون يقعون ضمن هذا التصنيف، فاعتقد بالتالي أن تجديد القصف بكل الأشكال عنفاً، وقتل أكبر عدد من السكان، سيشكل عامل ضغط على المقاومة للقبول بمواصفاته لقوائم التبادل، وهو واهم إذ اعتقد باستسلام المقاومة أما ضغطه، أو بانفكاك الحاضنة الشعبية من حولها، تلك المقاومة التي أعلنت بالفم المليان: لا تبادل جديد إلا بوقف العدوان تماماً، وطرح القضايا الأخرى التي تليق بحركة تحرر، بالترافق مع صفقة تبادل الكل مقابل الكل: الأقصى والحصار والاستيطان والإعمار وغيرها، والكيان الذي عجز عن تحرير محتجز واحد بالقوة يعود لوهم استطاعته ذلك!!!
وسواء كان للصفقات ان تتم ام تتأجل، فالمخطط الصهيوني بمواصلة حرب الإبادة والدفع باتجاه تهجير شعبنا سيظل قائماً، وهذا ما اكد عليه الصهاينة والأمريكان، إذ أعلنوا صراحة قيامهم بذلك بعد انتهاء صفقات التبادل. والأهم في المخطط هو التهجير.
التهجير على راس القائمة
بعيداً عن جعجعة التصريحات الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية حول القضاء على حماس وتدمير قدراتها وقواتها، وهم يدركون استحالة تحقيق ذلك، فإن الهدف الرئيس ما زال تهجير شعبنا من القطاع، وما تصريحات الأمريكان المتكررة حول رفض التهجير سوى ذر للرماد في العيون، والتخفيف من الضغط الشعبي الواقع على الانظمة الحليفة لأمريكا.
عودة المجازر لمخيم جباليا والمناطق في شمال القطاع تؤكد تلك الحقيقة، فبعد تهجير ما يقارب ال 400 ألف من شمال القطاع، تبقى 800 ألف حسب مركز الإحصاء المركزي، وهؤلاء تتركز عمليات الصهاينة العسكرية عبر المجاز لتهجيرهم للجنوب. أما المجازر في خان يونس ودعوة سكان المحافظة للرحيل نحو رفح فتاكيد جديد يدفع للاعتقاد ان النية هي حشر سكان القطاع، أو أكبر عدد منهم، في جنوب القطاع، وتحديداً في رفح والمواصي على البحر، والأخيرة طُرخت كموقع لخطة لتجميع مليون نازح، في 250 ألف خيمة، ليجري لاحقاً إجراء ترتيبات ترحيلهم سواء عبر البحر أو باتجاه مصر.
أما الحديث عن المناطق الآمنة بلسان الأمريكان والصهاينة فهو دليل إضافي على حجم الأكاذيب التي يتم ترويجها. في المرحلة الأولى من حرب الإبادة، اي قبل الهدن المؤقتة، كانت نسبة الشهداء من سكان جنوب القطاع، حيث أعلنه الكيان منطقة آمنة، هي 47% من حجم الشهداء، واليوم حين يتحدث الصهاينة والأمريكان عن مناطق آمنة في الجنوب، كرفح مثلاً، فالقصف الهمجي على رفح، وقطع الطريق بين رفح وخان يونس، طريق الممر الآمن!!!!! كما يُسمى، دلالة على أن المناطق الآمنة كذبة مفضوحة، فهي مناطق مجازر، يكذبها الغزييون، الذين يدفعون ثمن تلك الكذبة، مراراً في حديثهم أمام الإعلام.
ومثلما قاوم شعبنا التهجير شمال القطاع، فسيقاومه جنوبه، والتعويل أولاً واخيراً على المقاومة وتصديها للمخطط، كما التعويل على محور المقاومة في لبنان والعراق واليمن، عبر تصعيد دوره وتحريك الخط الأحمر الذي اعلنه مرة، عبر وضع منع التهجير كخط أحمر، إضافة لخطي عدم هزيمة حماس وتطورات الوضع الميداني، وقد قال السيد نصرا الله في خطابه قبل الأخير ما معناه، أن تهجير الفلسطينيين من القطاع أو الضفة، سيعني الدفع باتجاه مخططات التوطين، ما سيمس الوضع اللبناني الداخلي أخيراً. والرهان ايضاً على تمسك الشعب بوطنه الذي لا يملك غيره، رغم الاقتناع بأن الحرص على الحياة في لحظة ما سلوك إنساني طبيعي ومفهوم.
أما الرهان على مواقف الأنظمة العربية الرسمية لاتخاذ موقف فهو وهم، إن لم يكن غباء مطبق. فبعض تلك الأنظمة تستقبل رئيس الكيان الذي يمثل رسمياً المؤسسة التي تشن حرب الإبادة ضد شعبنا دون ان يرمش لمسؤولي تلك الأنظمة جفن، فيما نظام لا يملك ممارسة سيادته على معبر، هو رسمياً تحت سيادته، يصعب التعويل على موقفه برفض التهجير، خاصة مع مغريات مالية مطروحة امامه بعشرات المليارات تخرجه، إن نجح أصلاً باستثمارها، من ألأزمة الاقتصادية الطاحنة.
بلينكن قائد حملة التطهير
وحين يعلن بايدن أن العملية العسكرية في الجنوب تتم بمراعاة حياة المدنيين، كما اتفق مع الصهاينة، فهو يعرف انه يكذب، فحقيقة أن أكثر من 300 شهيد حتى اللحظة جلهم من النساء والأطفال تؤكد كذبه. أما بلينكن الذي شارك في اجتماع مجلس الحرب، واطلع على الخطط العسكرية، وأعطى موافقته عليها كمقرر فعلي، فتأكيد إضافي على أن امريكا شريك فعلي، لا بل ومقرر وقائد في حرب الإبادة. وحين يطالب بلينكن حماس بالاستسلام وتسليم قيادتها ومَنْ شاركوا في عبور 7 أوكتوبر، فهو يتصرف كرئيس حكومة الكيان وقائد هيئة اركانه، فيطرح اهداف ويحدد مجريات معركة ويعلن مطالب ويجتمع بالجنرالات ويقرر معهم ويصادق على خططهم، وفي كل هذا يتصرف كقائد لحملة الإبادة والتهجير.
ربما تكون هذه المرحلة من تاريخ شعبنا، المثخنة بالدم المسفوح لعشرات الآلاف، أكثر المراحل في التاريح الحديث والمعاصر التي تفضح حجم الأكاذيب في الدعاية والإعلام للإمبرياليين والصهاينة. انهم يكذبون باسرع مما يتنفسون، وهذا ما يعكس حجم تهتك وانحلال أخلاقياتهم السياسية كمستعمِرين. لنستعيد صورة سفير الكيان في الأمم المتحدة وهو يحمل حجراً، ويكاد يبكي متصنعاً بكل صفاقة، ويعاتب العالم الذي لم يأت (لإنقاذنا عندما هددوا دولة إسرائيل بالحجارة)!!! في الوقت الذي القوا فيه حتى الآن 40 ألف طن من الصوارخ والقنابل. لنتمعن بكل تصريح للعجوز الخرف بايدن، وبلينكن قائد حملة الإبادة، وحفنة الناطقين والمستشارين والمتحدثين، ونقارب ذلك بواقع القطاع وشعبنا هناك لتتضح حقيقة: الامبريالييون الأمريكان ومعهم وليدهم الكيان، الأكثر كذباً عبر التاريخ.
كنا شباباً نهتف في المظاهرات (علمنا جيفارا وقال امريكا راس الحية)، ولا زال الشعار/ الصيحة يتكرر في مظاهرات ومسيرات اليوم، وكثيراً ما كان الراحل د. حبش يردد (أمريكا راس الحية). اليوم لن ندير الظهر لنصيحة جيفارا، المثال والنهج والإرادة، فلطالما اقتنعنا بما قال، ولكننا اليوم اكتشفنا كشعب، بغزارة الدم المسفوح في السعي لإبادة شعبنا في القطاع، ان ما قاله جيفارا وما كرره الحكيم مراراً، صحيح بالمطلق، فأمريكا هي راس الحية.