الحلول الإنسانية والاقتصادية بعيداً عن السياسية !!

يونيو 24, 2024 - 11:19
الحلول الإنسانية والاقتصادية بعيداً عن السياسية !!

دلال صائب عريقات

بدأ التفكير باليوم التالي للحرب وبدأت الخطط تخرج للعلن، حتى أن خطة وقعتها شخصيات فلسطينية معروفة نسبياً، صدرت حديثا. وفي ديباجة التصور لفلسطين التي تنمو لم يخجل المفكرون من الاقتصاديين والمهندسين، وخبراء المال والأعمال، وأصحاب العلاقات، من القول أن تصورهم لفلسطين المستقبل وحلول غزة ما بعد الحرب، تأتي منفصلة عن الجانب السياسي، حيث يؤكدون أن هناك أصحاب اختصاص سيتناولون الجانب السياسي !!

بصفتنا أصحاب اختصاص في الشأن السياسي، نؤكد أنه وفي مواجهة جريمة الإبادة في غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء بشكل مأساوي 37 ألف شخص في جرائم موثقة على الشاشات كشفت عن الواقع القاسي ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. نريد التذكير هنا أن خدمة الإنسانية والوقوف مع الحق يتجاوز مجرد التضامن تحت إطار الفكر النيوليبرالي القائم على مفهوم الربح والسوق الحر. إن خدمة الإنسانية في قطاع غزة تجسد التزامًا حاسمًا بالعدالة والكرامة الإنسانية، أي الوقوف على الجانب العادل والصحيح من التاريخ. من الضروري أن ندرك أن المبادرات الإنسانية والاقتصادية، رغم أهميتها، لا يمكن أبداً أن تحل محل، أو تسبق التوصل إلى حل سياسي لضمان الكرامة الإنسانية، وعدم استمرار فصل غزة سياسيا، أو إبادة وتجويع أهلها لإرغامهم على الهجرة.

يتحمل كل فرد منا التزامًا أخلاقيًا عميقًا بالتحرك من خلال قول الحقيقة حول مواجهة إسرائيل لمحاكمة جريمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، ورفع مستوى الوعي، والدفاع عن حقوق الإنسان، والمطالبة بالمساءلة السياسية، يمكننا ضمان أن جهودنا تساهم في تحقيق السلام المستدام والعدالة الحقيقية. في هذه الأوقات العصيبة، تؤكد أعمالنا الفردية والجماعية إنسانيتنا المشتركة والتزامنا الثابت بإنهاء دائرة المعاناة والظلم.

لقد ثبت شرعا أن الجهاد بالمال والكلمة فرض عين على كل من يدعي الإنسانية في مواجهة جريمة الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وفي مواجهة القصف المستمر والمذابح ضد المدنيين الفلسطينيين. نتوقع من كل فلسطيني حريص على المصلحة الوطنية أن لا يتفادى الحلول السياسية، بحجة تحقيق الازدهار والنمو، بل يجب أن يعترف بأنه لا سلام اقتصاديا، دون الحل السياسي وأنه لا بد من إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير، بالتوازي مع الشرعية الدولية واتفاقيات السلام الموقعة التي تستند إلى مواد الأمم المتحدة التي تحفظ حق تقرير المصير، وحق النضال تحت الاحتلال، وحق العودة ضمن مبدأ الأرض مقابل السلام، تحت إطار حل الدولتين.

هذه أمور يجب أن تكون بديهية للجميع، وليست فقط لأصحاب الاختصاص. هذه حقوق مشروعة، ومن غير المقبول وطنياً طرح الحلول الاقتصادية، بعيداً عن الحل السياسي. لقد حاول الفلسطينيون عدة تكتيكات على مدار ٣٠ سنة سابقة، وحان الوقت كي يلتزم الجميع من ممثلي القطاع العام أو الخاص بالحلول السياسية كمدخل للحلول الاقتصادية، وليس العكس، إذ أن تبني الحلول الاقتصادية من شأنه أن يحقق مكاسب لأفراد وجماعات خاصة من ممثلي القطاع الخاص وتحديدا المطبعين أو أصحاب التمثيل الإسرائيلي الفلسطيني المشترك على حساب المصلحة الوطنية الفلسطينية.

الوحدة السياسية أصبحت اليوم حاجة وطنية لتفادي سيناريوهات الربح والتجارة في اليوم التالي لغزة. لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لاستمرار الانقسام سوى لمن يريد استدامة الوضع الراهن والقضاء على الحقوق الفلسطينية والمصلحة الوطنية.

.......

من الضروري أن ندرك أن المبادرات الإنسانية والاقتصادية، رغم أهميتها، لا يمكن أبداً أن تحل محل، أو تسبق التوصل إلى حل سياسي لضمان الكرامة الإنسانية، وعدم استمرار فصل غزة سياسياً، أو إبادة وتجويع أهلها لإرغامهم على الهجرة.