الشرعية تكتسب ولا تمنح من المجتمع الدولي!
دلال صائب عريقات
في هذا العام الاستثنائي الذي شهدته الساحة الفلسطينية، تزايدت الدعوات والمقترحات الخارجية للتعامل مع القضية الفلسطينية. وبالرغم من أهمية هذه المبادرات والدعم الدولي الذي قد تقدمه، إلا أن الحقيقة الراسخة في العمل السياسي هي أن الشرعية الحقيقية لأي حل لا تأتي من رضى القوى الخارجية، بل من قبول الشارع الفلسطيني نفسه، فالشرعية تُكتسب ولا تُمنح.
القيادة الحقيقية للفلسطينيين لا يمكن أن تُصنع من الخارج. القائد الحقيقي هو الذي يستمد شرعيته من الشعب ومن الرأي العام، والقيادة تتطلب التشبث بالأرض والصمود عليها. إن التفاعل الحقيقي مع مطالب الشعب الفلسطيني وطموحاته، هو ما يعطي أي قائد القدرة على توجيه المسار الوطني. وأي قائد يغفل هذا، ويقدم المصالح الشخصية أو الفئوية على المصلحة الوطنية، يفقد الشرعية والقدرة على تحقيق أهداف الشعب.
لا شك أن للمجتمع الدولي دورًا مهمًا في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وتطبيق القانون الدولي. ولكن يجب أن ندرك أن المقترحات الخارجية، مهما كانت نواياها حسنة، غالباً ما تفشل في تلبية احتياجات الفلسطينيين الحقيقية. التاريخ أثبت أن الحلول التي جاءت من الخارج لم تخدم المصلحة الفلسطينية بشكل كافٍ.
إن طرح المقترحات والحلول هو جزء طبيعي ومهم من عملية صنع القرار. لكن الأساس هو الحصول على موافقة الشعب الفلسطيني أولاً، لأن أية مبادرة تفتقر للدعم الشعبي لن تحظى بالشرعية الكافية وقد تواجه مقاومة داخلية.
من المهم أن نفهم أن إجراء "استفتاء" على الحلول في العواصم العالمية، أو بين صناع القرار الدوليين لا يمنحها الشرعية. الشرعية الحقيقية تأتي من الشعب الفلسطيني ومن أولئك الذين يعايشون التحديات اليومية تحت الاحتلال. لذلك، الحلول التي تُطرح يجب أن تُعطى للشعب الفلسطيني ليقرر قبولها أو رفضها.
الحصول على الرضا الشعبي أهم من إرضاء القوى الدولية. يجب أن تأتي الشرعية أولاً وأخيراً من الشارع الفلسطيني، من القرى والمدن والمخيمات التي تعاني يومياً تحت الاحتلال. هؤلاء هم من يحق لهم رسم مستقبلهم، وليس صناع السياسة في الخارج. التحدي الحقيقي يكمن في بناء توافق داخلي يعكس طموحات الفلسطينيين. وبالتالي، أي حل يأتي من الخارج دون التفاعل مع الشعب قد يزيد من الانقسام.
الحل القابل للتطبيق هو الحل الذي ينبع من إرادة الشعب الفلسطيني ويحترم تضحياته. الشرعية في القضية الفلسطينية لا تُمنح من الخارج، بل تُكتسب من الداخل. القادة الحقيقيون هم من يستمدون شرعيتهم من الشعب ومن تلبية طموحاته.
في النهاية، يمكن ويحق لأي جهة تقديم مقترحات، ولكن نجاحها يعتمد على مدى قبول الشعب الفلسطيني لها وليس على قبول المجتمع الدولي فقط. الشرعية تأتي من الشعب، والقائد الذي يفشل في اكتساب هذه الشرعية من الداخل لا يمكن أن يمثل طموحات الشعب الفلسطيني بشكل حقيقي.
الحصول على الرضا الشعبي أهم من إرضاء القوى الدولية. يجب أن تأتي الشرعية أولاً وأخيراً من الشارع الفلسطيني، من القرى والمدن والمخيمات التي تعاني يومياً تحت الاحتلال.