ماذا على الغزيين فعله ليستيقظ العرب والمسلمون من سباتهم؟

أغسطس 25, 2024 - 09:49
ماذا على الغزيين فعله ليستيقظ العرب والمسلمون من سباتهم؟

حمدي فراج

يراكم العرب بعد امتلاء رئاتهم بزفير الخسّة ومشاعر الخذلان، إزاء ما حل بأخوتهم وأخواتهم في غزة على مدار عشرة أشهر ونصف على يد الوحش الفالت من أي قيد أو مساءلة رسمية أو شعبية تتجاوز الشجب والاستنكار، يراكمون مشاعر العجز هذه، لتصبح أكثر وأعمق عجزاً، فتلامس حدود الغضب من الذات، فتنتقل إلى اليأس والهروب من المشهد الغزاوي برمته، لا يستطيعون معه المواصلة والمتابعة، يشيحون بعيونهم عما يشاهدون، وبآذانهم عما يسمعون، بما في ذلك البطولات التي يسجلها المقاومون، والمآثر التي يجترحها المواطنون، وفي حقيقة الأمر هم يهربون من أنفسهم ومن ذواتهم العاجزة والقاصرة.
تتراءى لهم مفاصل الأحداث وتتجمع في خلاصات واستنتاجات مكثفة، بأن كل ما قامت به أنظمتهم وحكوماتهم وبرلماناتهم محض هراء، لم يحرك شعرة في رأس بنيامين نتنياهو، بما في ذلك اجتماعات قمة عربية وإسلامية، ولجان على مستوى وزراء الخارجية، وممثليهم في مجلس الأمن والمحاكم الدولية، وجامعتهم العربية والإسلامية، وسلسلة اجتماعات لجان المفاوضات، والثقة شبه العمياء بأمريكا، الذاهبة – بايدن- والقادمة – هاريس أو ترامب- على حد سواء، من أنها ستلجم إسرائيل، وأنها ستنجح في وقف هذا القتل اليومي الأسود في هذه الغزة الجريحة، تعاني خيبة الأمل من هذه الأخّوة الكاذبة بما لا يقل عن معاناة الموت والدمار. كأنه لم يتبق أمام الغزاويات إلا الخروج عاريات لتعرية ما تبقى من عروبة العرب وإسلامية المسلمين، ما دفع هذا الشاب وهو يشيّع طفلته أن يصرخ موجهاً كلامه هذه المرة إلى النبي محمد: أهذه أمتك يا رسول الله ؟؟!!
لم يعد سراً أن جماهير هذه الأمة مغلوبة على أمرها من أنظمتها البوليسية، لقد استغرقها الأمر بضعة أشهر للسيطرة عليها سيطرة مطبقة. أصبح الدعاء في المساجد أن ينصر الله المقاومة ممنوعاً، والتجمعات في الجامعة سرعان ما يتم فضّها، ومقارنة بالجماهير الأوروبية، حيث يشعر الفرد أن له قيمة إنسانية وأن بإمكانه حين ينزل للتظاهر، وتغيير سياسة النظام، أو تغيير النظام بعد أربع سنين، في حين يشعر الإنسان العربي أنه مجرد شيء كباقي الأشياء في هذا الوطن، ويشعر أنه زائد أو حتى زائدة.
في هذا الوطن الكبير، تحتاج الجماهير إلى قيادات تحركها، وأحزاب، ونقابات، واتحادات، غير متوالفة مع النظام من الباطن، ولكنها في بلادنا تتنفس من رئة النظام، ولكي نرى الصورة بوضوح، لينظر المواطن العربي إلى نقابات وطنه، نقابة العمال والصحفيين والمحامين... إلخ ، كيف يصبح النقيب بعد قليل وزيراً أو بمثابة وزير وأهم من الوزير، "يدافع عن كل قضايا الكون ويهرب من وجه قضيته". تقول سيدة كويتية أنها أصبحت تخجل من أن تأكل فتشبع طالما أطفال غزة يموتون من الجوع، وإذا ما جاءت ابنتها تحتضنها، سرعان ما تنهي الاحتضان، خجلاً من الأم التي فقدت ابنتها.

..........
في هذا الوطن الكبير، تحتاج الجماهير إلى قيادات تحركها، وأحزاب، ونقابات، واتحادات، غير متوالفة مع النظام من الباطن، ولكنها في بلادنا تتنفس من رئة النظام.