لأول مرة في تاريخ فلسطين.. نتائج "التوجيهي" في قطاع غزة.. لم ينجح أحد!
طلاب: وزارة التربية لم تأخذ بعين الاعتبار أوضاع الطلبة لا عند وضع الأسئلة ولا عند التصحيح
خبراء ومدرسون يدعون لإعادة النظر في نظام التوجيهي ومراجعة أساليب التدريس وأدواته
المواطنة معالي سلمان: وعود المراعاة في التصحيح مثل مُسكنات الألم للطلاب ولعائلاتهم
المعلم ربيع زايد: النتائج مُرضية والفرحة منقوصة في ظل حرمان طلبة غزة من تقديم الامتحانات
الخبير التربوي جودت صيصان: النتائج تؤكد الحاجة لإعادة النظر بآليات وضع الأسئلة واعتمادها
المعلمة سهى الخفش: الأسئلة صعبة ولا تطابق جدول المواصفات ببعض المواد ولم تُراع ظروف الحرب
الخبير التربوي نظمي عبد ربه: التربية راعت الظروف في التصحيح والنتائج لكن المعدلات ظلت دون المعتاد
الخبير التربوي يوسف أبو راس: الامتحانات أخذت في اعتبارها مستويات الطلبة والنتائج مرضية
في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ التعليم في فلسطين، أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي أمس الإثنين نتائج امتحان الثانوية العامة في الضفة الغربية، والشتات من دون قطاع غزة الذي يكابد أهله حرباً إسرائيلية همجية منذ عشرة شهور، حرمت طلبته البالغ عددهم 39 ألفاً من الالتحاق بمدارسهم، وكذلك من المشاركة في امتحانات الثانوية العامة، باستثناء من تمكنوا من مغادرة القطاع إلى دول أخرى، سيما مصر التي تستضيف العدد الأكبر من هؤلاء الطلبة.
وقد شهدت نتائج امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" هذا العام حالة من الجدل الواسع في صفوف الطلبة والأهالي، ما بين راضٍ عن نتيجته، وآخر يشعر بخيبة الأمل، بسبب صعوبة الامتحانات من جهة، وعدم مراعاة وزارة التربية والتعليم للظروف الاستثنائية التي عاشها الشعب الفلسطيني خلال هذه السنة الدراسية، على حد قول الكثير من الطلبة وذويهم.
وبخلاف ما كان متبعاً، أوضحت الوزارة أن هذا العام لا نسب عامّة للنجاح، لأن الأعداد لم تكتمل، إذ إن خمسين ألفاً ومئة طالب تقدمّوا للامتحان، ومن بين هؤلاء 1536 طالباً موجودون في 29 دولة خارج الوطن، منهم 1320 غادروا قطاع غزة، منهم 1090 طالباً وطالبة موجودون في جمهورية مصر العربية، فيما أكدت الوزارة أنها ستعقد دورة خاصة لطلبة الثانوية العامة في قطاع غزة، حال انتهاء عدوان الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، لم يتمكن 630 ألفاً من طلبة المدارس و88 ألفاً من طلبة الجامعات في غزة من ممارسة حقهم الطبيعي في الدراسة.
يذكر أن نحو عشرة آلاف طالب وطالبة، بينهم 450 من طلبة الثانوية العامة، استشهدوا خلال حرب الإبادة المستمرة، علاوة على استشهاد 400 معلم، ومئة وخمسة من كوادر الجامعات، في ظل وجود 55 معتقلاً من طلبة الثانوية العامة، وترافق ذلك مع تدمير 286 مبنى من أصل307 أبنية مدرسية، وواحد وثلاثين من المباني التابعة لجامعات غزة بشكل كامل.
وعبر العديد من الطلبة وذويهم، في أحاديث منفصلة مع "القدس" دوت كوم، عن خيبة أملهم بسبب صعوبة بعض المواد وعدم استجابة وزارة التربية لمناشداتهم في المراعاة عن تصحيح الأوراق، في ظل الظروف التي تمر بها فلسطين وقطاع غزة بشكل خاص، فيما قال البعض الآخر أن نتائجهم جاءت وفق توقعاتهم.
بدورهم، أجمع خبراء تربويون، في أحاديث منفصلة مع "ے"، على وجود حاجة ماسة لإعادة تقييم نظام الثانوية العامة في فلسطين، مع التركيز على تطوير أساليب التقييم، وأن تؤدي مراجعات النظام إلى تحسين جودة التعليم وتخفيف الضغوط على الطلبة في المستقبل.
تذمر من الامتحان ومن النتائج
الطالبة شذى يوسف أبو راس حصلت على معدل ٩٢٪، وهو إنجاز تعتبره ثمرة توفيق الله وجهدها الشخصي. ومع ذلك، أعربت عن استيائها من اختبار الثانوية العامة، مشيرة إلى أنه لم يكن ملائمًا للظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني، كما لم تلاحظ أية مراعاة في عملية التصحيح، كما وعدت الوزارة.
وقالت أبو راس إنها تهدي هذا الإنجاز إلى زملائها الذين حرموا من أداء الامتحان بسبب العدوان على قطاع غزة، وإلى الأسرى في السجون، مع تخصيص التهاني لعمها الأسير أحمد، وتمنت أن تنتهي الحرب قريبًا ويكتب النصر والتمكين للشعب الفلسطيني، ويحقق آماله وأحلامه في الحرية والاستقلال.
وعبّرت الطالبة سيلينا درويش من الفرع العلمي في إحدى مدارس مدينة رام الله الخاصة، عن خيبة أملها لنتيجتها، فعلى الرغم من توقعها الحصول على معدل يتجاوز التسعين، فقد حصلت على معدل في السبعين.
وقالت درويش إن التصريحات السابقة بشأن مراعاة ظروف الطلاب لم تُنفذ، حيث لم تُؤخذ أي اعتبارات خاصة في التصحيح، مؤكدة أن أسئلة الامتحانات كانت صعبة وبشكل خاص في مواد الفيزياء والرياضيات واللغة العربية، ما زاد من التحديات أمام الطلبة.
وشددت على ضرورة مراعاة الظروف التي يمر بها الطلبة، مؤكدة أنه كان يجب أن تُراعي الجهات المعنية بشكل أفضل الطلبة الذين خاضوا الاختبارات، وظروف من لم يتقدموا.
الطالب صيصان: النتائج قريبة من التوقعات
أما الطالب أنس جودت صيصان من الفرع العلمي فقج حصل على معدل ٨٧٫٦٪. وقال إن النتائج العامة كانت قريبة من التوقعات، مع استثناء بعض الحالات التي جاءت مغايرة للتوقع.
ولفت صيصان إلى أن بعض الاختبارات أظهرت درجة صعوبة أعلى من السنوات السابقة، ما أثار استياءً بين الطلاب، خاصة مع الشائعات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي حول طبيعة الاختبارات، والتفاؤل الذي ساد بين الطلاب حول مراعاة ظروفهم، إلا أن الواقع كان مختلفًا تمامًا.
وأضاف: "لا يمكن أن تُقارن الشهادات المدرسية التي يحصل عليها الطلاب بالمستوى الرفيع لشهادات الفداء التي حصل عليها من دافعوا عن حقوقهم ودينهم وأرضهم. إن تضحيات طلاب غزة، الذين أظهروا شجاعة غير مسبوقة في الدفاع عن هدف نبيل وحق مغتصب، تظل أكبر وأسمى من أية شهادات أكاديمية، مما يبرز قيم البطولة والكرامة التي تجسدت في مواقفهم".
وعبرت الطالبة تالا سامر سلمان من الفرع الأدبي عن عدم رضاها عن نتيجتها في الثانوية العامة، مشيرة إلى أنها كانت تتوقع معدلات أعلى.
ولفتت تالا إلى أنها بذلت جهدًا كبيرًا في الدراسة، إلا أن النتيجة لم تكن كما توقعت، خاصة في بعض المواد التي كانت صعبة، وتقول: "لقد ضربونا في بعض المواد".
امتحانات لم تُراع الفروق الفردية بين الطلاب
وعبّر الطالب قسام محمود أبو راس من الفرع العلمي، الذي حصل على معدل ٩١٫٦٪ عن استيائه من عملية تصحيح الامتحانات، مؤكداً أن الطلبة تعرضوا لظلم كبير، حيث كان من المتوقع أن تؤخذ الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب الفلسطيني بعين الاعتبار، فضلاً عن صعوبة بعض الامتحانات التي لم تراع الفروق الفردية بين الطلاب.
وتوجه بكلمات تقدير لزملائه من طلبة غزة، مؤكداً أنهم فازوا بالشهادة العظمى والوسام الأعلى أمام شعبهم وأمتهم، داعياً بالرحمة للشهداء والشفاء للجرحى وفك قيد الأسرى.
الطالب نور القاضي من الفرع الأدبي قال إنه حصل على نتائج جيدة، متماشية مع التوقعات.
ورغم الفرحة بالنتائج، فإن القاضي عبر عن حزنه العميق بسبب الأوضاع المأساوية في غزة، داعياً بالرحمة لشهداء القطاع وفلسطين.
من جانبه،، أشار الطالب زيد كتانة إلى أن النتائج نالت رضى الطلاب وأسرهم، حيث تمكن غالبية الطلبة من تحقيق العلامات المتوقعة، ما يعكس نسبة النجاح المرتفعة.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، أكد كتانة أن الفرحة تظل منقوصة دون غزة، مشيراً إلى التزام الطلبة وأسرهم بعدم إظهار الفرح بشكل علني احتراماً بسبب الحرب على غزة.
امتحانات الدورة الثانية قريبة والامتحانات متتالية بدون استراحات
أما الطالبة يارا فوزي من غزة، المقيمة حالياً في مصر، فعبرت عن صدمتها من نتائج اختبارات الدورة الأولى التي أجرتها، حيث قدمت أربعة اختبارات، إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال.
وأكدت أن الاختبارات لم تأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي مرّت بها في غزة، بما في ذلك انقطاعها الطويل عن الدراسة وانضمامها لمدارس الضفة في وقت متأخر.
ورغم بذلها أقصى جهدها وتوقعها لمعدلات عالية مشابهة لتلك التي حصلت عليها قبل الحرب، فقد فوجئت يارا بالنتائج غير المرضية.
ونتيجة لذلك، ستضطر يارا لإعادة تقديم الاختبارات لرفع معدلاتها، وستكون أمام تحدٍ إضافي، حيث ستُجرى الاختبارات بشكل متتال بعد أقل من أسبوعين، دون ان يكون لديها متسع من الوقت للاستعداد.
وأعربت عن أملها في أن تعيد وزارة التربية والتعليم النظر في مواعيد اختبارات الدورة الثانية، وتجنب تكرار تنظيمها بشكل متتال دون فترات راحة، لضمان تحقيق العدالة بين جميع الطلاب في ظل الظروف الحالية.
أبو عبسة تدعو إلى إلغاء امتحان التوجيهي
المحامية نيفين أبو عبسة، أُم لطالبة توجيهي في الفرع العلمي، تؤكد أن نتائج امتحان الثانوية العامة لم تكن مرضية، كما أن الامتحانات لم تأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي مر بها الطلبة، والظروف التي تعيشها فلسطين، إذ إن الأسئلة كانت صعبة للغاية، ما زاد من معاناتهم.
وعبرت أبو عبسة عن رفضها لنظام التوجيهي، داعيةً إلى إلغائه، واصفةً إياه بالظالم لأن امتحاناً واحداً يقيم الطالب بعد 14 عاماً من التعليم، بدءاً من مرحلة البستان وحتى الصف الثاني الثانوي.
نتائج مرضية
أما المعلم ربيع زايد، الذي يُدرِّس مادة العلوم الحياتية لمرحلة الثانوية العامة منذ 26 عامًا، وابنه علي كان أحد طلبة الثانوية العامة لهذا العام، اعتبر أن نتيجته كانت ضمن المستوى المتوقع.
وقال زايد: "رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الطلبة، فإن العلامات التي حصلوا عليها كانت مرضية بالنظر إلى الأجواء الصعبة التي تمت فيها الامتحانات".
وأشار زايد إلى أن الفرحة هذه السنة كانت منقوصة، إذ إن حرمان طلبة غزة من أداء الامتحانات كان أمرًا صعبًا.
ولفت زايد إلى أن الطلبة في الضفة الغربية لم يكونوا قادرين على التعبير عن فرحتهم بالكامل، واستجابوا للنداءات بعدم المبالغة في الاحتفال، مؤكداً أن استجابة طلبة الثانوية العامة لتلك النداءات تؤكد أنهم نجحوا في امتحان الأخلاق إلى جانب امتحان العلم، معرباً عن أمله في أن تزول هذه الأزمة التي يمر بها الشعب الفلسطيني.
امتحانات في ظل اقتحامات ومجازر وتعليم إلكتروني
أما المحامية معالي سلمان، فإن ابنتها تالا طالبة في الثانوية العامة، وهي تعبر عن خيبة أملها في نتائج امتحانات هذا العام.
وأشارت سلمان إلى أن النتائج كانت أقل من المتوقع، حيث لم تُنفذ المراعاة كما وُعد الطلبة، ما اعتبرته نوعًا من "مسكنات الألم" للطلاب وأسرهم، مشيرة إلى أن ابنتها كانت تتوقع زيادة في نتيجتها بنحو عشر علامات، لكن النتيجة غير متوقعة.
وأوضحت سلمان أن الظروف الصعبة التي عاشها الطلبة، بما في ذلك التعليم الإلكتروني، والاقتحامات، ومشاهد المجازر في غزة، شكلت ضغطًا كبيرًا عليهم وعلى أسرهم.
وتؤكد سلمان أنه حتى الطلبة الذين حصلوا على علامات عالية لم يكونوا قادرين على التعبير عن فرحتهم بسبب الأحداث المأساوية التي شهدتها غزة.
وتأمل سلمان أن تنتهي الحرب على غزة سريعًا، وأن تُستأنف الحياة الطبيعية في القطاع، ليتمكن الطلبة من التقدم للامتحانات في ظروف أفضل.
امتحانات هذا العام تخطت جدول المواصفات
من جانبه، قال الخبير التربوي والتعليمي ومدير مركز "يوسمارت" للتدريب، جودت صيصان، إن امتحانات الثانوية العامة لهذا العام أثارت جدلاً واسعاً بشأن مدى مطابقتها للمعايير المحددة.
وأوضح صيصان أن عدداً كبيراً من المعلمين، بما فيهم الخبراء في التخصصات أفادوا بأن العديد من الأسئلة في بعض المواد قد تجاوزت نطاق المنهج، وتعالت عن جدول المواصفات.
وأضاف صيصان: إن هذا الإجماع يعكس الحاجة إلى إعادة النظر في آليات وضع الأسئلة واعتمادها، مع ضرورة تحسين آليات الرقابة لضمان جودة الامتحانات ومنح الطلاب فرصة عادلة للتعبير عن قدراتهم.
تفوق طلاب المدارس الخاصة
وفي سياق النتائج، أشار صيصان إلى أن امتحانات هذا العام أظهرت تفوقاً ملحوظاً لدى الطلاب في المدارس الخاصة، ما يبرز التحديات التي يواجهها القطاع التعليمي الحكومي.
وتابع: "لقد أثرت قلة أيام الدوام وتأخر صرف رواتب المعلمين سلباً على جودة التعليم في المدارس الحكومية. ولضمان تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التعليمية، من الضروري معالجة هذه القضايا، بتوفير الدعم اللازم للمعلمين، وتحسين البنية التحتية للمدارس، فضلاً عن إعادة تقييم نظام التوجيهي".
ويرى صيصان أن امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" هو مرحلة حاسمة في حياة الطالب، حيث يمثل البوابة إلى الجامعة والمستقبل المهني، ومن أجل تحسين هذا الامتحان، هناك إجراءات يمكن القيام بها مثل التحول إلى نظام التقييم المستمر، فبدلاً من الاعتماد على امتحان نهائي واحد، يُفضل تطبيق نظام التقييم المستمر الذي يعتمد على مجموعة من الأنشطة والمشاريع طوال العام الدراسي، ما يقلل من الضغط على الطلاب ويقيّم أدائهم بشكل أكثر دقة.
الحاجة لتنويع الأسئلة
وشدد صيصان على أنه لا بد من تنويع أسئلة الامتحان، حيث ينبغي أن تشمل أسئلة الامتحان تنوعاً في الأنواع، بما في ذلك أسئلة تقيس المهارات العليا مثل الفهم والاستنتاج والتطبيق والتحليل، بالإضافة إلى أسئلة مقال تشجع على التفكير النقدي والإبداعي.
وقال: "أمر آخر من أجل تطوير نظام التوجيهي، وهو ربط المناهج بمتطلبات سوق العمل، بحيث يتماشى الامتحان مع متطلبات سوق العمل، ويقيّم المهارات التي يحتاجها الخريجون للنجاح في الحياة العملية".
ويرى صيصان أن هذه التعديلات تتطلب دراسة دقيقة وتنفيذاً فعالاً لضمان تحسين نظام التوجيهي وتوفير فرص عادلة لجميع الطلبة.
فرحة منقوصة بسبب الحرب على غزة
سهى الخفش، معلمة كيمياء للفرع العلمي وثقافة علمية للفرع الأدبي في مديرية سلفيت منذ ١٥ عاماً، قالت إن الفرحة هذا العام منقوصة بسبب غياب طلاب غزة ومعلميهم، سواء أكانوا شهداء أم جرحى أم نازحين أم خارج البلاد.
وأوضحت الخفش أن النتائج العامة جاءت جيدة جداً والمعدلات مرتفعة، لكن لم تكن بمستوى الأعوام السابقة، وذلك بسبب الصعوبات التي واجهها الطلبة خلال العام الدراسي، مثل التعليم المتزامن مع الاجتياحات المستمرة للمدن والقرى والمخيمات.
وتشير الخفش إلى أن هذه النتائج تعكس وعي الطالب الفلسطيني وإصراره على تسليح نفسه بالعلم والمعرفة، وهو ما سيساهم في تحرير وطنه.
أسئلة صعبة ولا تنسجم مع جدول المواصفات
وبالنسبة لطبيعة الأسئلة، أكدت الخفش أنها كانت بشكل عام صعبة وغير معتمدة على جدول المواصفات في بعض المواد، كما أنها لم تراع الظروف الحالية من حرب واجتياحات، أو حتى السنوات السابقة التي شهدت جائحة كورونا وإضرابات وفاقداً تعليمياً كبيراً، مؤكدة أن هذه الظروف تستدعي إعادة النظر في منظومة التوجيهي بشكل شامل.
تراجع ملحوظ في مستوى الطلبة خلال السنوات الأخيرة
من جانبه، قال نظمي عبد ربه، الخبير التربوي وأستاذ اللغة العربية لأكثر من 30 عاماً، إن أسئلة امتحانات الثانوية العامة يجب أن تتماشى مع معايير محددة تتعلق بارتباطها بالكتاب المقرر، ومستوى الطلبة، ومراعاة الفروق الفردية بينهم.
ولفت عبد ربه إلى أن السنوات الخمس الماضية، شهدت تراجعاً ملحوظاً في مستوى الطلبة بسبب عدة عوامل، منها: جائحة كورونا، وإضرابات المعلمين، والتعليم الإلكتروني الذي لم يتأهل له المجتمع الفلسطيني بالكامل، والحرب على قطاع غزة والاجتياحات في الضفة الغربية.
الأسئلة وفقاً للمعايير القديمة
وأوضح عبد ربه أن هذه الظروف أثرت بشكل كبير على الطلاب كمتلقين للعلم، والمعلمين كمشرفين على التعليم، والمدارس كبيئة تعليمية حاضنة، ما أدى إلى تراجع عام في الأداء، ورغم ذلك، بقيت الأسئلة وفقاً للمعايير القديمة دون مراعاة لهذه الظروف، ما أظهر تبايناً في مستويات الطلبة أثناء الامتحان والنتائج النهائية، ما اضطر وزارة التربية والتعليم العالي للتكيف مع هذا التراجع عبر مراعاة الظروف أثناء التصحيح وإصدار النتائج، رغم أن المستوى كان دون المعدلات المعتادة.
وأكد عبد ربه أن التعليم في فلسطين بشكل عام بحاجة إلى إعادة تقييم شامل، خاصة نظام التوجيهي، من خلال مراجعة أساليب التدريس وأدواته، مشيراً إلى أن التغيير يجب أن يبدأ من الوزارة قبل المعلم.
ضرورة تطوير نظام الثانوية العامة في فلسطين
بدوره، قال الخبير التربوي، الأستاذ يوسف أبو راس، إن الامتحانات لهذا العام بشكل عام قد أخذت في اعتبارها مستويات الطلبة، على الرغم من وجود تذمر من بعض الطلبة وتجاوزات في بعض الامتحانات.
وأوضح أبو راس أن النتائج جاءت بشكل مرضٍ، حيث تم الأخذ بعين الاعتبار مستوى التحصيل الدراسي للطلاب في السنوات التي سبقت الثانوية العامة، فضلاً عن السنوات الخمس التي شهدت تحديات تربوية منذ عام ٢٠١٩.
من جهة أُخرى، شدد أبو راس على ضرورة تطوير نظام الثانوية العامة في فلسطين، مؤكداً أن هناك هدفين رئيسيين يجب تحقيقهما: الأول هو تقليل نسبة التوتر والقلق النفسي لدى الطلبة الناتجة عن مرحلة التوجيهي، والثاني هو منح أهمية أكبر للصفوف الدراسية العاشر والحادي عشر والثاني عشر، بحيث تُحسَب لها نسبة من العلامات في المعدل التراكمي النهائي للتوجيهي.
١٥ علامة عن كل صف في المرحلة الثانوية
واقترح أبو راس أن تُحتسب ١٥ علامة عن كل صف دراسي في التراكمي للتوجيهي، إضافة إلى ٥٥ علامة لامتحان الوزارة، مع الحفاظ على جوهر النظام.
وطالب أبو راس وزارة التربية والتعليم بعقد ورشات عمل تشمل المعلمين ومديري المدارس والمشرفين وأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات المجتمعية، لتستحضر جميع المقترحات والتوصيات بهدف تطوير امتحان الثانوية العامة في فلسطين.