ضربةٌ جويةٌ رعناء على اليمن

يوليو 23, 2024 - 11:17
ضربةٌ جويةٌ رعناء على اليمن

بهاء رحال

مجرد تمادٍ فظ، وعربدة استعراضية هدفها إعادة الاعتبار لصورة إسرائيل التي كُسرت في السابع من أكتوبر، ضمن سياسة عنصرية كاملة الأركان بالترهيب والقوة المفرطة بدعم عسكري ومالي من أمريكا والحلفاء الدائمين للاحتلال، وفي وضح النهار. فبينما تتواصل حرب الإبادة في غزة، قام الاحتلال بتوجيه ضربة مباشرة لليمن، باستهداف منشآتٍ نفطيةٍ من خلال سرب من الطائرات الحربية التي نفذت غاراتها أمام أعين العالم.

الضربة أسفرت عن اندلاع النيران من خزانات النفط، وتصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود، حيث أراد الاحتلال هذه الصورة، تعبيرًا عن قوة الرد التي يمتلكها، وتحقيقًا لإيقاع خسائر اقتصادية، ومن ثم إيصال رسائل عدة، أبرزها أنها قادرة على ضرب مصالح الدول التي تساند غزة وتقف معها، كما أنها لا تزال تحافظ على قوتها وقدراتها، ولو كان ذلك بفضل الدعم الكامل من قبل أمريكا وبريطانيا وغيرهما.

الطائرة اليمنية الـمُسيّرة التي وصلت تل أبيب وأصابت هدفًا، شكّلت حالة رعب جديدة، واختراقًا لمنظومة الرادار وأجهزة الاستشعار ولكل المنظومة الأمنية في إسرائيل، وهذه المنظومة لم تصحُ بعد من صفعة السابع من أكتوبر، حتى جاءتها صفعة جديدة، ليست بالمستوى نفسه، إلا أن دلالاتها واضحة للعيان، وهذا دفعها للقيام برد سريع تتباهى به، وبهذا القدر الذي لا تتسع معه رقعة المواجهة، ولا تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة.

تأتي عمليات القصف ردًا على مُسيّرة اخترقت الحدود ووصلت تل أبيب قبل أيام، وفشلت أجهزة الإنذار والمراقبة من رصد الـمُسيّرة التي انفجرت، وأودت بحياة شخص وإصابة عشرة آخرين بحسب ما تم الإعلان عنه، وهذا ما يرجح أن القصف الجوي من خلال الطائرات قد يكون في إطار الرد المحدود، والذي لا يؤدي إلى حرب على جبهة اليمن التي شكّلت جبهة إسناد لغزة منذ بداية الحرب، بل يحمل رسالة استعراض أرعن، في إطار ممارسة الرد لجبهات إسناد غزة، سواء في اليمن أو مع حزب الله، لكنها وفي الوقت ذاته قد تؤدي إلى تصاعد العمليات، ما يجعل أمر اتساع الحرب الكاملة قاب قوسين أو أدنى.

هدف نتنياهو عدم اتساع الحرب في الوقت الحالي، أي قبل انتهاء حرب الإبادة في غزة، ولهذا فإنه يعمل على الرد من خلال عمليات محسوبة ومدروسة، لا تؤدي إلى حرب شاملة على بلد آخر إلا إذا توقف الحرب في غزة، فهو لا يسعى إلى حرب شاملة على جبهات عدة، لأنه سيكون وقتها غير قادر على التحكّم بنتائجها.

الاعتداء على اليمن يُمثل جولة جديدة قد تؤدي إلى اتساع رقعة المواجهة الدائرة، وهذه الجولة أكثر سخونةً من سابقاتها، ولهذا فإن كل الاحتمالات لا تزال مفتوحة ومرتبطة بطبيعة الرد اليمني، الأمر الذي قد يؤدي إلى اشتعال المنطقة برمتها، حيث سخونة حرارة الصيف تترافق مع سخونة الأحداث، وارتفاع وتيرة التصعيد الإقليمي، وعلى جبهات عدة، في ظل مواصلة حرب الإبادة الدائرة في غزة.

.......

القصف الجوي من خلال الطائرات قد يكون في إطار الرد المحدود، الذي لا يؤدي إلى حربٍ على جبهة اليمن، التي شكّلت جبهة إسناد لغزة منذ بداية الحرب، بل يحمل رسالة استعراضٍ أرعن.