مع السلطة والمقاومة وضدهما

يوليو 6, 2024 - 10:19
مع السلطة والمقاومة وضدهما

ينقسم الجمهور العربي الفلسطيني ومن حوله البعض من الجماهير في الدول العربية بين مؤيد للمقاومة، ومؤيد للسلطة دون توضيح أو تمييز، وكأنهما عدوان لدودان، فإما أن تكون هنا، وإما أن تكون هناك، وعليك كل اللعنات والاتهامات والشتائم.


المؤيدون للمقاومة أو الكفاح مجموعات مختلفة، فقد يكون المقصود لدى بعضها هنا المقاومة أو الكفاح أو الثورة المحدودة بشكل/ وسيلة محددة، أو المقاومة بمعنى انحصارها حزبيًا في فصيل معين، أو بفكرة الجهاد والثورة والنضال والمقاومة والكفاح بكافة الأشكال، ولربما لا يستطيع الكثيرون الفصل بين المفاهيم الثلاثة فيسقطون أنفسهم هم من فئة المناضلين أوالمكافحين أو المقاومين. كما تفعل "الدعائية الإعلامية" فعلها في حصر الثورة أو المقاومة وفق توجهاتها الحزبية، لكن في جميع الأحوال يقف بعض هؤلاء موقف المعادي لما يرونه "عدوًا" أي السلطة الوطنية الفلسطينية.


بالمقابل يتوه الكثيرون في تعريف "السلطة"، لذا فمجرد سماع المصطلح تبدأ عندهم الشتائم ولا يتورعون عن الاتهامات والتقبيح حتى لو كانوا هم أو أبناؤهم –للغرابة- من الموظفين في أطر الحكم الذاتي أو السلطة الوطنية الفلسطينية!
الفهم السليم باعتقادي لمعنى المقاومة أو الثورة الفلسطينية، أو الجهاد أو الكفاح الوطني هو أنها سِمة الشعب العربي الفلسطيني كله، فكل الشعب الفلسطيني مناضل ومقاوم وثائر بكافة الأشكال المتاحة لديه، ومنذ بداية القرن العشرين أو قبل ذلك بالأحرى.


فمن يحصر الفعل المكافح بشخصه البائد فقط أو بفصيله هو يحتقر نضالات وبطولات الشعب الفلسطيني الذي أنجبه، أو أنه ينفعل باللحظة ويزهو! وما هو الا نتيجة نضالات من سبقوه من سنوات طوال وعقود وليست مقصورة عليه أو فكره أو تنظيمه أونظرته ووسيلته.


لننظر إلى العدو اللدود! لدى "الثوار والمقاومين" الافتراضيين وليس الفعليين، أولئك "ثوار المؤخرة" من نشطاء الجهالة أوالتهييج والاتهام، أو ثوار لوحة المفاتيح، وما وراء الهاتف الجوال الذين لا يفارق أيديهم فقط، فتكيل ألسنتهم-دون أي فعل- التهم والشتائم لما يسمونها السلطة الكافرة أو العميلة أو الاستسلامية أو ما شئت من اتهامات.


بنفس منطق الفصل في مفهوم المقاومة أو الثورة بين الفكرة والوسيلة والأشخاص في الحزب، يمكننا القول أن فكرة إدارة أو قيادة أو سلطة أو حكم أي شعب ومنه الفلسطينيون سواء أكان مؤقتا (حكماً ذاتياً) أو دائماً (بإطار الدولة) هو ما لا غنى عنه مطلقًا، لأن بديل إدارة البلد من أصحابها هو الفوضى أو الحكم الإسرائيلي. لذا لنترك هذه الفكرة للـتأمل حيث أن من حق الفلسطينيين حكم أنفسهم بأنفسهم وضمن السلطة الوطنية الفلسطينية (المؤقتة والممر الإجباري للدولة، والتي عليها ما عليها ولها ما لها). وبدليل أن هذا الفهم المشترك "للسلطة" الواجبة استقر لدى كل الفصائل ومنها "حماس" التي شاركت استعداداً في الانتخابات التي تم تأجيلها عام 2021، وخاضت فيها مفاوضات مع حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح وكادت تتفق معها أن تكون ضمن قائمة واحدة بين الفصيلين، بل وبرّرت دخولها الانتخابات التي سبقت انقلابها عام 2007 بأن (اتفاق أوسلو) انتهى، لذا نحن ندخل الانتخابات! وعليه فإن فكرة ضرورة وجود سلطة/ حكم/ قيادة ولو محلية مؤقتة للشعب الفلسطيني بالداخل هي فكرة مقبولة لدى جميع الفصائل مهما كان الاختلاف معها.


المفهوم الثاني للسلطة مرتبط بواحد أو اكثر من المكونات الثلاثة التالية السلطة بمعنى أداء السلطة الهزيل ومنه ما يسمونه "التنسيق الأمني" حسب مفهومهم، رغم تطبيق "حماس" له بنفس المعنى في قطاع غزة – أسموه "الضبط الميداني"- فترة حقائب نتنياهو-العمادي المالية، أو السلطة بمعنى الأشخاص الذين عليهم نقاط سلبية وفشل أو عجز وملفات تدينهم، أو السلطة باعتبارها نتاج اتفاق يعتبرونه انتهى.


من التوضيح السابق فنحن نتفق ونختلف! نتفق على مفهوم الكفاح والنضال فهو حق لأي شعب واقع تحت الاحتلال، ولنا أن نختلف حول الأسلوب أو التوقيت والقيادة ما دامت مفترقة، ولنا أن نراجع إدارة النضال وقياداته السياسية كلها، وواجب علينا أيضاً الانتقاد لتقويم أو تغيير الوسائل أوالشخوص أو المسار، وليس التساوق مع الانحدار (ونتابع).