مؤتمر "الاستجابة".. مقدماته ونتائجه
مؤتمر التضامن مع غزة يوم الثلاثاء 11-6-2024، مؤتمر إنساني سياسي ناجح بامتياز، مؤتمر أردني لصالح فلسطين، وزادت فرص نجاحه بالمشاركة الرئاسية المصرية والأمم المتحدة، ليكون حقاً رسالةً وموقفاً وانحيازاً وسلوكاً عملياً كرافعة إسناد معنوية ومادية للشعب الفلسطيني.
الحضور الدولي لممثلي أكثر من سبعين دولةً استجابت للدعوة، دلالة الانحياز والفهم لعدالة المطالب الفلسطينية، وشرعية تطلعاتها، والرغبة في التعاطف مع شعبها، ودعمه وتخفيف الأضرار والمعاناة والمأساة التي يعيشها، مقابل دلالة عزلة المستعمرة والانكفاء عنها، ووضعها في موقع الإدانة والاتهام الجرائمي، لما تقترفه من قتل متعمد وهدم مقصود وتخريب هادف، لجعل قطاع غزة منطقة غير صالحة للحياة، بهدف التشريد والطرد والترحيل، انعكاساً لمشروع المستعمرة الصهيونية في جعل فلسطين دولة ذات أغلبية أجنبية يهودية، وتقليص الوجود البشري الإنساني للفلسطينيين على أرضهم ووطنهم وبلدهم، حيث لا وطن ولا أرض ولا بلد لهم، غير فلسطين.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الأرض، وفي الميدان لا يحسمه، إلا استمرار المواجهة بين الطرفين والمشروعين، ولن يتوقف حتى:
1- تنتهي مظاهر الاحتلال والعنصرية والتمييز والمصادرة والاستيطان في سلوك المستعمرة وجيشها ومؤسساتها ضد الشعب الفلسطيني، سواء في مناطق 67 أو مناطق 48.
2- أن يحصل الشعب الفلسطيني على الحد الأدنى من حقوقه عبر حل واقعي، يُوفّر للطرفين حل "الدولتين المتجاورتين"، وفق قرارات الأمم المتحدة وفي طليعتها وفي مقدمتها القرار 181 الصادر في 29-11-1947، وهو أساس حل الدولتين، أو التوصل إلى حل الدولة الواحدة المشتركة على كامل خارطة فلسطين، دولة ثنائية الهوية فلسطينية إسرائيلية، والقومية عربية عبرية، متعددة الديانات: يهودية إسلامية مسيحية، وإدارة تقوم على نتائج صناديق الاقتراع.
3- عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الأمم المتحدة 194 الصادر في 11-12-1948، وحقهم في العودة إلى المدن والقرى التي طُردوا منها، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.
الصراع على الأرض له أدواته، وعليه ومنه يتواصل الصراع السياسي القانوني الدبلوماسي، وهو صراع يأخذ مداه اليوم بالتحصيل الفلسطيني التراكمي لصالح عدالة قضيته، ولهذا لم يكن عبثاً أو صدفة أو مجرد مشاركة شكلية من قبل الأردن مع مصر، مشاركة الأمم المتحدة في مؤتمر "الاستجابة الإنسانية" والسياسية الطارئة والمديدة، لفلسطين وعنوانها الأسخن قطاع غزة، وإن كان الوضع في الضفة الفلسطينية والقدس ومعاناة التمييز الفلسطيني في مناطق 48 أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، يحتاج لمؤتمر بل لمؤتمرات نوعية متخصصة تفعل فعلها في إبراز العناوين الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني الإسرائيلي برمته.
الصراع السياسي الفلسطيني العربي الإسلامي المسيحي الإنساني في مواجهة المستعمرة يتسع، واجتماع قادة الكنيسة في الفاتيكان اتخذ قرارات في غاية الأهمية الأسبوع الماضي ضد الادعاء والرواية الصهيونية، وهو صراع يأخذ مدىً تراكميا تدريجيا لصالح فلسطين وضد المستعمرة، وهذا المؤتمر الأردني المصري الأممي يصب في هذا الاتجاه لصالح فلسطين ومن أجلها، وخدمة لشعبها، وإسهاماً في تخفيف الأضرار، وتوفير الاحتياجات، وخلق أدوات ضاغطة لمواجهة التطرف والوحشية وجرائم المستعمرة، وهو ما قصده وعمل لأجله دعاة المؤتمر وحققوه كما هو مطلوب، وكما يجب.