حقٌّ علينا أن نُنزل غزة عن أعواد المحرقة!

يونيو 4, 2024 - 16:52
حقٌّ علينا أن نُنزل غزة عن أعواد المحرقة!

إبراهيم ملحم

بعد 241 يوماً على حرب "السيوف الحديدية" الإسرائيلية لم تنكسر غزة، وإسرائيل لم تنتصر، بل تهشّمت صورة الضحية التي طالما أشهرتها في وجه العالم، واتسعت عزلتها، وتكشّف مدى عنصريتها وتوحّشُها كدولةٍ قاتلةٍ للأطفال، وتقف اليوم مذعورةً أمام القضاء الدولي، وتحاكَم لممارستها الإبادة الجماعية، وهي التهمة التي استدعت لأجلها كبار المحامين ليثبتوا، عبثاً، براءتها؛ بل ظهر هؤلاء المحامون مرتبكين وضعيفي الحجة.. ومثيرين للسخرية.


غزةُ النازفةُ التي يتعاملون معها كما لو أنها طابورٌ على أبواب المحرقة، حقّها علينا أن نتيح لها التقاط أنفاسها وبلسمة جراحها، وأن تُواري بصمتٍ جليلٍ شهداءَها، وتبحث تحت الركام عن مفقوديها، وتُطعم أطفالها الجوعى، وتهدّئ من روع نسائها، وتخفف أوجاع جرحاها، وتكفكف دموع الأمهات والأجداد والجدات على أبنائهم وأحفادهم، وتمنح اليتامى والأرامل بعضاً من أمل.


غزةُ النازفة، الراعفة، الجائعة، الصابرة، الصامدة، المصلوبة على أعواد المحرقة، من حقها علينا أن نستجيب لوجيب قلبها، ونزيف جرحها، وفائض وجعها.


غزة التي تضيق فيها المستشفيات بالمصابين، والشوارع بخيام النازحين، والمقابر بالجثامين، يَستقبلُ فيها نازحون نازحين، ويُسعف الجرحى المصابين، ويُغيث منكوبون منكوبين خارجين بوجوهٍ معفرةٍ من تحت الأنقاض؛ غزة في حاجة لنا اليوم، احتراماً لآلامها، وتخفيفاً لفداحة مصابها، في حاجةٍ لأن نساعدها، بما في ذلك أن نلتقط ما يُعرَض عليها، ويحقق كرامتها وعزتها؛ رغم أن المبادرة الأميركية "إسرائيلية المنشأ" لم تكن دوافعها إنسانيةً بقدر ما هي انتخابيةٌ وانعكاسٌ لأزمةٍ داخليةٍ في إسرائيل، بسبب ما أصاب الدولة المارقة من خسائر فادحةٍ استدعت الاستعانة بمخازن القوة العالمية الكبرى، وبوارجها وحاملات طائراتها وأسلحة الـ"ناتو"، لمساعدتها في حربها على أطفال غزة ونسائها وعجائزها الذين يأكلون جوعهم، ويشربون العطش.


استجيبوا للمبادرة المعروضة، فلن تخسروا شيئاً، فأنتم الأعلَون، ومهما ارتفعت أعمدة الدخان والنار، وطال سخم الليل، فلن نفقدَ يقيننا بحتمية انتصارنا وتحقيق حلمنا بإقامة دولتنا بعاصمتها القدس.


أنصحكم بأن تقبلوا الصفقة، وألقوا بحجرها في مياه نتنياهو وحكومته.. واسمحوا لي أن أقترح عليكم هذا البيان المقتضب:
استجابةً لجهود الوسطاء، وحقناً لدماء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والشباب والنساء، وإكراماً لدماء الشهداء، وأوجاع الجرحى والمرضى والأسرى المعذبين في ظلام السجن، ومن موقع قوة أصحاب الحق وعزتهم وكرامتهم في الدفاع عن أرضهم، والذود عن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، نعلن قبولنا الصفقة التي أعلنها الرئيس الأميركي بالتشاور مع الوسيطين القطري والمصري.


المجد للشهداء، والشفاء للجرحى، والنصر لشعبنا.