محور فيلادلفيا.. محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد يُحكم خنق القطاع
أبو غوش: إسرائيل تهدف إلى التحكم بالقطاع من أربع جهات وعزله عن العالم
الجرباوي: مصر لا تقبل التعامل مع أي واقع جديد تحاول إسرائيل فرضه
ياغي: حكومة نتنياهو تريد احتلالاً مباشراً أو غير مباشر بمساعدة أميركية
أيوب: ضرورة وجود موقف فلسطيني موحد لتجاوز أي تغيير على اتفاق ٢٠٠٥
مضت أيام على ادعاء إسرائيل أنها سيطرت على محور فيلادلفيا، الذي يتضمن معبر رفح، ويمتد على مساحة 14 كيلومتراً على طول الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع جمهورية مصر، وهو ما يضع تساؤلات حول مآلات السيطرة وإلى أين تتجه الأهداف.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون، في أحاديث منفصلة لـ"القدس" دوت كوم، أن ادعاء إسرائيل حول السيطرة على محور فيلادلفيا من أجل إحباط تهريب السلاح للمقاومة وتدمير الأنفاق لا يعني أنها سيطرت بالكامل وحققت أهدافها، لكن أسباباً أُخرى تكمن وراء الإعلان، وهي إحكام السيطرة الجغرافية والسلطوية على المدنيين في المستقبل.
ويوضح الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش أن إسرائيل تدعي السيطرة على المحور لمنع تهريب السلاح والتعاون مع المقاومة، وتزعم السيطرة على الأنفاق الممتدة، بالرغم من تعقيدها وعمقها، مؤكداً أن اكتشاف وإحباط تهريب السلاح عبر هذه الأنفاق ليس بالأمر السهل.
ويقول أبو غوش: "إن إسرائيل تهدف من خلال هذه الإجراءات إلى التحكم بغزة من أربع جهات وفصلها عن العالم، لتضييق الخناق والتحكم بمستقبل غزة على الأصعدة المدنية والسلطوية والعسكرية. وتشمل خطتها السيطرة على الجهة الشرقية والشمالية والبحر، والآن محور فيلادلفيا، لقطع أواصر غزة بالعالم الخارجي".
ويضيف أبو غوش: "يجري كل ذلك بالتوازي مع محاولات تهجير سكان غزة. وبالرغم من توقف الحديث عن التهجير حاليًا، فإن المحاولات مستمرة في ظل إغلاق القطاع من جميع الجوانب، ما يمهد لعمليات تهجير بوسائل مختلفة، وتهدف إسرائيل عبر هذه المخططات إلى السيطرة على غزة خلال السنوات العشر المقبلة، سواء على المقاومة أو المدنيين، ومع ذلك، لا يمكن لإسرائيل أن تقرر وحدها، فالشعب الفلسطيني والعمق العربي موجودان".
وبشأن دور مصر في ظل السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا، يؤكد أبو غوش أن مصر تعارض هذه السياسات الإسرائيلية، لكن لها سياساتها الخاصة، ونحن كفلسطينيين لا غنى لنا عن مصر التي تلتزم بحقوق الشعب الفلسطيني، ونأمل أن يكون لها دور أكثر فعاليةً في منع تضييق الخناق على قطاع غزة، ونتطلع إلى تطور الدور المصري حتى لو وصل الأمر إلى التلويح بقطع العلاقات مع إسرائيل.
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي د. علي الجرباوي: "إن إسرائيل تسعى من خلال السيطرة على محور فيلادلفيا إلى إتمام سيطرتها على قطاع غزة وحدوده مع مصر، وهذا هو هدفها منذ بداية الحرب على القطاع".
ويشير الجرباوي إلى أن مصر لا تقبل التعامل مع أي واقع جديد، لأن معبر رفح هو معبر فلسطيني- مصري، وهناك اتفاق مع الأوروبيين عام 2005 ينص على أن يكون لإسرائيل دور في الإشراف والمراقبة، ولكن دون السيطرة.
ويلفت إلى وجود محاولة لإيجاد صيغة لإعادة فتح معبر رفح، حيث أعاد الأوروبيون تفعيل اتفاقية 2005 ويجرون محادثات مع إسرائيل، كما تجري محادثات بين إسرائيل وأمريكا ومصر لإيجاد صيغة لتشغيل المعبر، بحيث لا تسيطر عليه إسرائيل.
ويوضح أن "معبر رفح يقع ضمن الحدود بين مصر وقطاع غزة على امتداد 14 كيلومترًا، وأن إسرائيل تحاول السيطرة على كامل الحدود الجنوبية لقطاع غزة وفصلها عن مصر، بادعاء أن الحدود غير مضمونة ويتم تهريب الأسلحة عبرها، وأن هناك أنفاقًا، وتزعم أن ذلك لضمان أمنها، ما يستدعي وجودها هناك".
ووفقًا للجرباوي، فإن "وجود إسرائيل كونها لا تزال السلطة المحتلة من ناحية الوضع القانوني، ولم تتخل عن احتلال قطاع غزة، وكونها قوة احتلال لا يعني ذلك أن لها الحق في هذا السياق".
ويؤكد الجرباوي أن "كل ما يجري مرهون بأي اتفاق ينهي الحرب، خاصة أن حركة حماس تشترط لإبرام أي صفقة تبادل انسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، وما زالت الأمور قيد التباحث ومعالمها غير واضحة، وكل ذلك مرهون بالاتفاق الذي سينهي الحرب".
من جانبه، يشير الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي إلى أن السيطرة على محور فيلادلفيا جزء من استراتيجية عسكرية إسرائيلية تهدف إلى محاصرة قطاع غزة وقطع اتصاله مع العالم الخارجي، إضافة إلى محاولة تقطيع الإمدادات عن المقاومة.
ويلفت إلى أن "إسرائيل تزعم وجود أنفاق في محور فيلادلفيا رغم النفي المصري، كما أنه توجد عدة حواجز على الحدود، فيما اتهمت إسرائيل مصر بأنها تسهل حفر الأنفاق، لذا تحاول إسرائيل الضغط على الجانب المصري من أجل القبول بالأمر الواقع، وفق رؤيتها، ومصر ترفض ذلك".
ويؤكد ياغي أن إسرائيل فشلت في محاولتها لتهجير أهالي قطاع غزة عبر الحدود المصرية إلى سيناء بسبب رفض مصر والدول العربية وصمود سكان غزة، وبعد فشلها في ذلك، تحاول بوسائل متعددة إعادة هذا السيناريو.
ويشير ياغي إلى أن المستقبل غير واضح، فوفق رؤية حكومة نتنياهو، فإنه فقط عبر احتلال قطاع غزة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وسط محاولات أميركية لتطويع أي شيء لصالح إسرائيل.
من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح والكاتب والمحلل السياسي د. حسن أيوب: "بعد خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن حول مستقبل غزة، فإن السيناريو الأكثر احتمالًا هو أن إسرائيل تسعى لتثبيت واقع عسكري إسرائيلي على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، ما قد يغير الاتفاق القائم عام 2005".
ويشدد أيوب على ضرورة وجود موقف فلسطيني موحد لتجاوز أي اتفاق محتمل في معبر رفح ومحور فيلادلفيا، مؤكدًا أن عدم التوافق قد يؤدي إلى استمرار الوضع الراهن، حاثاً على الخروج بموقف متفق عليه بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية دون أي مزاودات من أي طرف.
كما يؤكد أيوب ضرورة وجود حكومة توافق وطني فلسطينية، وتفعيل دور منظمة التحرير ومؤسسات السلطة، مؤكدًا أن إسرائيل لا ترغب في رؤية الشعب الفلسطيني، لكن الأمور ليست متوقفة على إرادتها فقط، ويجب التوافق على حكم غزة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، مع التأكيد على أن الفلسطينيين هم من سيديرون شؤون قطاع غزة.
وبموجب "اتفاق فيلادلفيا" الذي وقعته إسرائيل مع مصر عام 2005 بعد انسحابها من قطاع غزة، وتعتبره تل أبيب ملحقاً أمنياً لاتفاقية "كامب ديفيد"، انسحبت إسرائيل من المحور الفاصل بين غزة ومصر، وسملته مع معبر رفح إلى السلطة الفلسطينية.
وعام 2007، سيطرت حركة حماس على غزة، وخضع محور فيلادلفيا والمعبر لهيمنتها، فيما فرضت إسرائيل حصاراً خانقاً على القطاع.
وفي 7 مايو/ أيار الجاري، سيطرت إسرائيل على الجانب الفلسطيني مع معبر رفح الحدودي مع مصر بعد عملية عسكرية تجاهلت كل النداءات الدولية، وردت القاهرة برفض التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر، واتهمتها بالتسبب في كارثة إنسانية في القطاع، فيما زعمت إسرائيل قبل أيام سيطرتها على محور فيلادلفيا