معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

مايو 19, 2024 - 09:56
معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عندما يصاب الإنسان بجنون العظمة يبدأ بوضع القوانين والمصطلحات دون ضوابط، بل حسب الأمزجة والهوى، وبما يخدم مصالحه دون النظر لأي اعتبارات أخرى، ولو كانت تحمل سلاح الظلم والبغي على الآخرين، وهذا ينطبق أيضا على الدول والأقوام.


لقد حدثّنا التاريخ عن الملك العربي وائل بن ربيعة المشهور بـ"كليب" الذي كان يتصرف بعنجهية وتعالٍ وغرور، بعد أن رأى نفسه أعز العرب، فكان يحمي المراعي وآبار الماء له وحده ويمنع غيره من الرعي في تلك المراعي وورود ذاك الماء.


وفي العصر الحديث وجدنا دول الغرب تتصرف وفق منطق الغرور والتعالي، ولذلك وجدناها تضع القوانين والمصطلحات حسب هواها ومصلحتها دون أي اعتبار لقيم الإنسانية وحقوق البشرية. ومن أبرز المصطلحات التي وضعتها وفق هذه الرؤية المدفوعة بغرور القوة والتعالي مصطلحي "الإرهاب" و"معاداة السامية" فجعلتهما أسلحة تحارب بهما من تشاء.


"معادة السامية" مصطلح أخرجته الدول الغربية لتحقيق أهداف وغايات مريبة ولإسكات أي صوت يزعجها، وهو في حقيقته محصور في معادة اليهود، وليس العرق السامي، لأن العرب ساميون ولكن هذا القانون لا يشملهم، وهم ليسوا ضمن دائرة المصطلح، فمعاداتهم أمر مقبول عند الغرب كافة.


إذا ، "معاداة السامية " سلاح خبيث تشهره دول الغرب عندما يزعجها أمر ما، ولا تكون فيه مخالفات للقانون والدستور في هذه الدول، فلذلك رأينا مؤخرا في الدول الغربية وخاصة في أمريكا الصاق تهمة "معاداة السامية "بطلبة الجامعات الذين قاموا باحتجاجات سلمية ضد حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال على أهل غزة العُّزل، فأزعج هذا الحراك قادة هذه الدول وسياسيها، فثارت ثائرتهم. ولمّا كانت هذه الاحتجاجات والاعتصامات سلمية ولا تخالف القانون ولا يوجد ما يدين هؤلاء الطلبة ويمنعهم من هذا التضامن، أشهرت هذه الدول سلاح "معاداة السامية" ضدهم، في مسعى لقمعهم ووقف احتجاجاتهم رغم أنها احتجاجات "حضارية" وفق تعريفات الغرب نفسه.


ولتأكيد التلاعب الغربي في هذا الأمر، يعرف الجميع على مستوى العالم كله أن حراك طلبة الجامعات الغربية واحتجاجاتهم ليست ضد "اليهود" ليقال بأنها "ضد السامية " ومعادية لهم، بل هي احتجاجات ضد جرائم دولة الاحتلال ضد بشر عُّزل، بدافع إنساني بحت. فـ "معاداة السامية " هو سلاح يشهره الغرب في وجه من يريد دون أي اعتبارات وضوابط، لذلك لم نجده يظهر ضد الذين يعادون العرب، رغم أن العرب من
العرق السامي.


إن معاداة أي قوم لعرقه هي فكرة شاذة وخطيرة ومرفوضة، وتنم عن جهل وبغي، لأن أصل الخلافات بين البشر تعود للناحية المبدئية والعقائدية، وليست راجعة لجنس أو عرق أو لون، فمحاولة الصاق فكرة معاداة العرق السامي (نسبة لسام بن نوح) بالعرب والمسلمين، واستخدامها لنواح سياسية وضد من يعترض على الغرب وسياسته الظالمة، هي فكرة خبيثة وخاطئة تهدف لمواصلة تحكيم سيف الظلم والبغي في رقابنا وحياتنا ورقاب كل من يميل عن الخط الغربي على هذه المعمورة.

"معادة السامية" مصطلح أخرجته الدول الغربية لتحقيق أهداف وغايات مريبة ولإسكات أي صوت يزعجها، وهو في حقيقته محصور في معادة اليهود، وليس العرق السامي، لأن العرب ساميون ولكن هذا القانون لا يشملهم، وهم ليسوا ضمن دائرة المصطلح.