غیاب عربي ملموس

قد يختلف أطراف النظام العربي مع حركة "حماس"، أو أغلبيتهم، وهذا شأن طبيعي ، في التعددية والاجتهاد وتضارب المصالح ، ولكن لا يجوز ، ومن غير المقبول، وغير اخلاقي وإفتقار للمسؤولية الوطنية والقومية والدينية والإنسانية، اتفاق بعض اطراف النظام العربي، مع المستعمرة وهي تمارس جرائمها وقتلها وتدميرها ، وباتت عارية أمام العالم ، من أي حجة أو مبرر أو غطاء لحجم الجرائم التي تقارفها ضد الشعب الفلسطيني.
تختلف العديد من أطراف النظام العربي مع حركة الاخوان المسلمين، ويمتد ذلك إلى حركة حماس ، التي وُلدت من رحم الاخوان المسلمين ، واعتبرت نفسها إمتداداً لها في فلسطين، وأنها مرجعيتها الفكرية والسياسية، ولكن حركة حماس راجعت حساباتها ومصالحها، واعتبرت نفسها وفق وثيقتها الثانية الصادرة في الدوحة يوم 1/5/2017، أنها حركة وطنية فلسطينية لا تتدخل بالشؤون الداخلية للبلدان العربية ، مع أنها ارتكبت حماقة اتخاذ موقف ضد النظام السوري ، نزولاً لدى رغبة أو ضغوط عربية واقليمية ، وهي تسعى الآن لتنظيف موقفها من تلك السقطة السياسية المشينة، رغم ذلك يجب ان ينتصر حجم التناقض العربي الوطني القومي الديني الإنساني بين النظام العربي وسياسات واجراءات وجرائم المستعمرة التي مازالت تحتل اراضي ثلاثة بلدان عربية، وأن تتراجع على خلفية التعارض أو الخلاف مع حركة حماس لسبب أو لآخر.
العديد من الاجراءات التي يمكن اتخاذها من قبل اطراف النظام العربي بدءاً من طرد سفير المستعمرة لدى بعض العواصم العربية ، واستدعاء السفراء العرب من تل أبيب، واعادة منع تحليق طائرات المستعمرة عبر الاجواء العربية، ووقف التبادل التجاري معها، وأكثر من ذلك وقف العلاقات الامنية والعسكرية المذلة بين بعض العواصم وأجهزة ومؤسسات المستعمرة .
الشعب الفلسطيني يتحمل جرائم الاحتلال ، وحصيلة هذه الجرائم قتل عشرات الآلاف بما فيهم المدفونين تحت آثار الهدم والخراب، واضعافهم من أعداد الجرحى ، وتدمير أكثر من نصف مباني وبيوت مدن وأحياء ومخيمات قطاع غزة.
لا يكون النظام العربي برمته محميا من الشعوب العربية التي تمتعض بصمت بسبب جرائم الاحتلال إنعكاساً لصمت أطراف النظام العربي على جرائم المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني.
مصر والأردن تتحركان ، تعملان ، تقفان ما بوسعهما لصالح الشعب الفلسطيني ضد المستعمرة بأشكال متفاوته، وقد تكون سياسات وإجراءات الاردن ومصر غير كافية ، ولكنها تتفوق على العديد من اطراف النظام العربي التي ترتبط بعلاقات مع المستعمرة ، مما يتطلب إعادة النظر بهذه السياسات والمواقف لعلها تفعل شيئا، وتصنع رافعة، داعمة مساندة للشعب الفلسطيني ، وتشكل أدوات ضاغطة مع أطراف دولية تقف على راسها روسيا والصين وبعض العواصم الأوروبية .
ها هي جنوب افريقيا الصديقة عبرت عملياً بشكل ملموس في دعم الفلسطينيين عبر جبهة محكمة العدل الدولية وغيرها من خدمات المؤسسات الدولية ، وبصرف النظر عن نتائج عمل وتوصيف واستخلاصات محكمة العدل الدولية ، ولكنها جبهة سياسية قانونية فتحت أنظار العالم وسيكون لها ما بعدها ، كمحطة سياسية لصالح الشعب الفلسطيني على الطريق الطويل التدريجي متعدد الاطراف والاشكال والمحطات وصولا نحو هزيمة المستعمرة واندحارها وانتصار الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال و العودة.