روبيو: تنسيق أميركي إسرائيلي لإحباط هجمات محتملة في غزة ومساعٍ لقوة دولية بدعم أممي
قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، يوم السبت، إن إسرائيل والولايات المتحدة وعدداً من الوسطاء المشاركين في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يتبادلون المعلومات الاستخباراتية بشكل وثيق لإحباط أي تهديدات محتملة، مشيراً إلى أن هذا التعاون ساعد في تحديد "هجوم وشيك" كان يُعتقد أنه سيقع نهاية الأسبوع الماضي.
وأوضح روبيو، في تصريحات للصحفيين أثناء رحلته من إسرائيل إلى قطر، حيث التقى بالرئيس الأميركي دونالد ترمب ضمن جولة آسيوية، أن وزارة الخارجية الأميركية سبق أن حذّرت من "تقارير موثوقة" تشير إلى احتمال خرق حركة حماس للهدنة عبر تنفيذ هجوم يستهدف مدنيين فلسطينيين في غزة. وأضاف: "لقد أرسلنا رسالة عبر قنواتنا الدبلوماسية، وكذلك إلى الوسطاء، بشأن تهديد وشيك، لكنه لم يحدث في نهاية المطاف"، مشدداً على أن الهدف الأساسي هو "رصد الخطر قبل وقوعه".
وفي إشارة إلى ما وصفه بـ"الجهد الجماعي لإحلال الاستقرار في غزة"، كشف روبيو أن عدداً من الدول أبدى اهتماماً بالانضمام إلى "قوة استقرار دولية" يجري بحث تشكيلها لنشرها داخل القطاع بعد تثبيت وقف إطلاق النار. وأوضح أن الولايات المتحدة تفكر في دعم هذه القوة بقرار من مجلس الأمن الدولي لتمكين دول إضافية من المشاركة، قائلاً إن واشنطن تجري محادثات مع كل من قطر ومصر وتركيا، وقد لاحظت اهتماماً من دول أخرى مثل إندونيسيا وأذربيجان. وأضاف: "العديد من الدول لا تستطيع المشاركة دون تفويض دولي واضح".
وأشار الوزير الأميركي إلى أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل، ليكون أحدث مسؤول أميركي يصل إلى المنطقة ضمن جهود دعم الهدنة. وكان نائب الرئيس جيه دي فانس والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف ومستشار الرئيس وصهره جاريد كوشنر قد زاروا إسرائيل في وقت سابق هذا الأسبوع في إطار المساعي لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار. ووصل روبيو إلى تل أبيب بالتزامن مع مغادرة فانس، حيث التقى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وزار مركزاً أميركياً لمراقبة الالتزام بالهدنة.
يُظهر تحرك روبيو وما رافقه من زيارات رفيعة المستوى أن واشنطن تعمل على ترسيخ نهج جديد في إدارة ملف غزّة ووقف إطلاق النار، يقوم على ما يمكن تسميته بـ"الدبلوماسية الوقائية"، أي التدخل السياسي والأمني المبكر لمنع انهيار الهدنة بدلاً من الاكتفاء بردّ الفعل بعد التصعيد. هذا التحول يعكس إدراك إدارة ترمب أن أي فشل جديد في تثبيت الاستقرار في غزة قد يُضعف مصداقيتها الدولية ويقوّض نفوذها المتجدد في الشرق الأوسط، خاصة بعد عودة روسيا والصين إلى لعب أدوار موازية في ملفات إقليمية عدة.
وتبدو فكرة "قوة الاستقرار الدولية" في غزة من منظور واشنطن وسيلة لحماية الهدنة ومنع عودة الفصائل إلى القتال، لكنها تثير تساؤلات في العواصم الإقليمية، لا سيما القاهرة والدوحة، حول طبيعة هذه القوة وارتباطها السياسي. إذ تخشى بعض الأطراف أن تتحول إلى أداة أميركية لمراقبة التحولات داخل القطاع أكثر من كونها قوة حفظ سلام. كما أن الحاجة إلى تفويض من الأمم المتحدة تعكس إدراك واشنطن لصعوبة بناء شرعية ميدانية دون غطاء دولي، خاصة في ظل غياب توافق فلسطيني داخلي بشأن أي وجود أجنبي في غزة.
كما تحمل جولة روبيو بين إسرائيل وقطر أكثر من بعد دبلوماسي؛ فهي رسالة مزدوجة إلى الداخل الأميركي والخارج الإقليمي. داخلياً، يريد ترمب إظهار أن إدارته قادرة على الحفاظ على أمن إسرائيل وفي الوقت نفسه الدفع نحو ترتيبات "سلام واقعي" في غزة. أما خارجياً، فهي رسالة إلى القوى الإقليمية بأن واشنطن باقية على رأس المعادلة، وأنها وحدها القادرة على جمع المتناقضات — من إسرائيل إلى قطر وتركيا — في إطار واحد. ومع ذلك، يظل نجاح هذه المقاربة مرهوناً بقدرة إدارة ترمب على تحويل التنسيق الأمني المؤقت إلى رؤية سياسية مستدامة تضع نهاية حقيقية لدورات العنف في غزة.





