قانون الضم الإسرائيلي.. خطوة رمزية أم تمهيد لتكريس واقع الاحتلال؟

صدّق الكنيست الإسرائيلي أمس الأربعاء بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يقضي بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة. ووفق مختصين في القانون الإسرائيلي، فإن القانون بحاجة إلى 3 قراءات إضافية ليصبح ساري المفعول ويدخل حيز التنفيذ.
وفي حال دخل القانون حيز التنفيذ فإن فرضه يعني خضوع الضفة الغربية للقوانين المدنية الإسرائيلية وخروجها من تحت سلطة الحاكم العسكري ووزير الدفاع الإسرائيلي.
وفي تعقيبه على حيثيات القرار، قال المحلل السياسي محمد هلسة إن هذا القانون يأتي في إطار حالة التنافس الشرس داخل الكنيست بين أحزاب اليمين والوسط على "من يزايد أكثر في ملف الضم ومن يقدم مشاريع أكثر تطرفا تجاه الفلسطينيين".
وأشار هلسة في حديثه إلى أن "المناخ الانتخابي في إسرائيل يدفع نحو رفع سقف التطرف، خصوصا بعد تحول المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتشدد عقب أحداث 7 أكتوبر 2023".
لكنه يرى أنه وبسبب الظرف السياسية التي تمر بها إسرائيل داخليا وخارجيا فإن القانون قد يتم تجميده ولا يمرر بشكله الحالي أو يتم دمجه في مقترحات الضم الأخرى، بحيث يتم تنفيذ مشاريع الضم بالقطعة سعيا نحو الضم الكامل في حال توفرت الظروف الداخلية والخارجية.
ويؤكد هلسة أن على طاولة الكنيست مشاريع عدة مشابهة، أبرزها قوانين ضم مستوطنة معاليه أدوميم شرقي القدس وأريئيل شمال الضفة المحتلة، والأغوار والخليل، موضحا أن "الضم الجزئي أو ما يُعرف بالضم بالقطعة" قد يصبح الخيار الأكثر واقعية في ظل الانقسام السياسي داخل الائتلاف الحاكم.
وجاء التصويت -وفق هلسة- بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي وعدد من رموز الإدارة الأميركية لتل أبيب، مما يمنحه بعدا سياسيا مزدوجا، فمن جهة، يستخدمه نتنياهو ورقة ضغط أمام واشنطن لإظهار أن "اليمين الإسرائيلي لا يمكن ترويضه"، ومن جهة أخرى يسعى اليمين المتطرف إلى استثمار اللحظة لتثبيت فكرة "السيادة على الضفة" أمرا واقعيا لا عودة عنه.
ومن الناحية العملية، يشير هلسة إلى أن "الضم قائم فعليا منذ سنوات من خلال حزمة من الإجراءات الإدارية والقانونية والعسكرية"، وأن ما تسعى إليه إسرائيل اليوم هو "الانتقال من الضم الواقعي إلى الضم المشرعن"، أي تحويل السيطرة بحكم الأمر الواقع إلى سيادة قانونية معلنة.
ويضيف أن "المؤسسات المدنية الإسرائيلية باتت تمارس سلطاتها في مساحات واسعة من الضفة الغربية بعيدا عن الإدارة العسكرية، وهو ما يعني أن الفارق بين الواقع الحالي والتشريع المقترح هو مسألة إشهار سياسي لا أكثر".
ومن منظور دبلوماسي، يرى المراقبون أن تمرير هذا القانون -ولو في مرحلته التمهيدية- سيزيد تعقيد علاقة إسرائيل بحلفائها الغربيين ويضع إدارة الرئيس الأميركي أمام معضلة: إما احتواء الحكومة الإسرائيلية المتطرفة أو الضغط باتجاه تغيير تركيبتها السياسية.
ويختم هلسة بأن "هذه الخطوة قد تعجل في بلورة موقف أميركي أكثر صرامة تجاه الحكومة الإسرائيلية الحالية، خصوصا أن الإدارة الأميركية تسعى لإعادة إحياء مسار التطبيع العربي ضمن إطار اتفاقات أبراهام، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل حكومة تتبنى نهج الضم والتوسع الاستيطاني".
وبينما يبقى الضم الفعلي قائما على الأرض فإن إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة -سواء كان جزئيا أو كليا- بات مسألة توقيت سياسي أكثر من كونه مسألة قانونية، بانتظار توازنات داخلية وخارجية قد تحدد شكل المرحلة المقبلة.