مستقبل غزة بمنظور إسرائيل

أكتوبر 23, 2025 - 17:26
مستقبل غزة بمنظور إسرائيل

يتواصل تصعيد الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة رغم إعلان وقف إطلاق النار وفقا للمرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مما يشير إلى إستراتيجية إسرائيلية جديدة تهدف إلى خلق وضع ميداني يبقي القطاع تحت رقابة أمنية مستمرة من دون التزام بإدارة مدنية شاملة.

وخلال الأيام الماضية استشهد وأصيب عشرات الفلسطينيين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة في حصيلة شبيهة بأيام الإبادة الجماعية التي استمرت عامين، وارتكب جيش الاحتلال نحو 100 خرق منذ قرار وقف الحرب في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

تشير التحولات الميدانية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى تطور في الأهداف الإسرائيلية، إذ لم يعد الهدف الرئيسي هو القضاء على قيادة حماس فحسب، بل خلق وضع ميداني يبقي قطاع غزة تحت رقابة أمنية مستمرة من دون التزام بإدارة مدنية شاملة.

حدد دراسة نشرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أعدها العقيد احتياط الدكتور عوفر جوترمان ملامح الإستراتيجية الجديدة.

ومما يميز سلوك إسرائيل أنه لم يعد يندرج تحت منطق جولات تصعيد متفرقة، بل تحوّل إلى إستراتيجية قائمة على إدارة الصراع بطريقة مستدامة تقوم على 3 ركائز مترابطة: هيمنة ميدانية واستخبارية دون الدخول في احتلال شامل.

تسعى الإستراتيجية الجديدة إلى تحويل غزة إلى واقع يذكّر بنموذج السيطرة المفروضة على الضفة من خلال: تفتيت المساحات، فرض قيود أمنية صارمة، تقييد حركة السكان وإدخال الموارد وفق شروط أمنية، وغياب سلطة فلسطينية فعالة.

لكن الاختلاف الجوهري أن غزة ستبقى بلا سلطة مدنية مرجعية، مما يعني إدارة أمنية مستمرة تكرس اعتمادية السكان على ضوابط خارج إرادتهم.

وقد باتت هذه الإستراتيجية هي المعتمدة على الأرض الواقع في غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار، ويعكس ذلك الممارسات التي انتهجتها إسرائيل خلال الأيام الماضية.

يسير استنساخ نموذج الضفة الغربية في غزة على قدم وساق في ظل خطة ترامب التي تسعى إسرائيل إلى اختزالها في مرحلة واحدة مرتبطة بشروط نتنياهو التعجيزية.

يضاف إلى ذلك منع الحركة بإغلاق دائم لمعبر رفح ومنع دخول المساعدات وإغلاق المعابر، مما يشير إلى بون شاسع بين خطة ترامب والتنفيذ العملي لها على الأرض.

كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل تطالب الولايات المتحدة بعدم البدء بإعادة إعمار قطاع غزة قبل اتخاذ خطوات ميدانية تُظهر استعداد حماس لنزع سلاحها.

كما ترفض إسرائيل بشدة وجودا رسميا فلسطينيا في قطاع غزة رغم الإشارة المباشرة إليه بشكل واضح في خطة ترامب.

تضمن هذه الإستراتيجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استمرار دعم اليمين المتطرف له لمواصلة مشاريعه السياسية المتعلقة بالانتخابات الداخلية والتشريعية.

كما يراهن نتنياهو على الدم الفلسطيني في غزة لاستمرار ائتلافه لشهور أخرى، ليتمكن من تسويق إنجازاته أمام قاعدته الانتخابية من اليمين المتطرف.

وفي السياق، يطالب وزراء حكومة نتنياهو ورئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت بألا تكون هناك أي سيطرة أمنية لقوات دولية في قطاع غزة.

وبحسب آيزنكوت، فإنه ينبغي على نتنياهو أن يحافظ على مبدأ أساسي، وهو أن "المسؤولية الأمنية في القطاع ستبقى في يد إسرائيل".

تدفع هشاشة وقف إطلاق النار بسبب التصعيد المتكرر من قبل جيش الاحتلال الإدارة الأميركية إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لضمان تثبيت وقف إطلاق النار.