الوضع في غزة مريع .. لكنه في إسرائيل يصعب على الكافر
حمدي فراج
حمدي فراج
ينظر نتنياهو، ومعه من معه من الإسرائيليين إلى غزة على أنها حماس، كلها حماس، وفق المأثور الشعبي "الكبير والصغير والمقمّط في السرير"، بعض ممن هم على يمينه، ينظرون الى ان الناس في غزة، ليسوا بناس، بل حيوانات تنتحل شكل الناس، أو وحوش آدمية تمشي على ساقين اثنتين، سرعان ما ستنقض عليك اذا لم تسبقها بالانقضاض عليها.
لم يكن نتنياهو وصحبه، هم أول من ارتكبوا مثل هذه الكبيرة في التاريخ البعيد أو القريب، فقد نظر البيض عموما إلى السود عموما، نظرة من هذا القبيل، لمجرد ان لون بشرتهم سوداء، ولهذا خرج فيلسوف فرنسا الشهير مونتسكيو: بأننا في أوروبا ننظر الى ان إلهنا أبيض البشرة، فإنهم في افريقيا ينظرونه أسود البشرة، بل يظنون ان أبيض البشرة هو الشيطان. هتلر نظر الى اليهود من هذا المنظار فذهب الى عتمة التاريخ، وحصل اليهود على دولة في فلسطين فيها السمن والعسل والنماء والرخاء، والإقرار لهم بحق ليس من حقهم على ارض غيرهم، أما السود في أوروبا وأمريكا، فقد حصلوا على حقوقهم الطبيعية كبشر مثلهم مثل بقية الناس بألوانهم وأجناسهم المختلفة، حتى وصل أوباما البيت الأبيض دورتين (ثماني سنوات) وحكم الأسود والأبيض على السواء، كما فعل تماما نيلسون مانديلا الذي خرج من السجن الى القصر الجمهوري ليحكم الأغلبية السوداء والأقلية البيضاء، المضطهَدين والمضطهِدين، على حد سواء، وها هي جنوب افريقيا الجديدة، التي كانت بمثابة الوجه الثاني للعملة العنصرية في العالم، تنتفض ضد إسرائيل وترفع قضية ضدها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية.
لم تكن دولة مانديلا، هي الظاهرة الوحيدة في الانتفاض ضد إسرائيل الإبادية لمعاقبتها والاقتصاص منها، بل أن العالم كله تقريبا انتفض على النحوالذي رأينا وسمعنا، فأصبح الإسرائيلي يلقى معاملة مختلفة عما كان يلاقيها قبل السابع من أكتوبر 2023، في المجالات العلمية والتجارية والسياحية والرياضية والإعلامية ... الخ، لم ينظر الناس الى غزة على انها حماس، بل نظروا الى إسرائيل على انها بعين عوراء، نظرت الى غزة وأطفالها وشوارعها ومنازلها نظرة لطالما عانى منها مضطهدو أوروبا السود على ايدي مضطهديهم البيض، ولهذا رأينا يهوداً في الشوارع يتصدرون المظاهرات المناوئة لإسرائيل. ولن تخلو المسألة في تطوراتها العلمية الذاتية والموضوعية، الداخلية والخارجية، من انتقال هذا الغضب المحموم ضد إسرائيل، للتعاطف مع ضحيتها بمن فيهم المقاومون وفي المقدمة منهم حركة حماس التي أحسنت الذود عنهم وقدمت خيرة قادتها ومقاتليها عند مذبح إبادتهم.
واستخلاصا، فإن كل من ينظر هذه النظرة الشمولية في إبادة أعدائه "عن جنب وطرف" من هذا المنظار العنصري القديم، كما فعل نتنياهو وصحبه، فإنه سيلقى هذا المصير، حتى لو وقف معه ربه "يهوه" أو هيئ له انه يقف معه، المقاومة الباسلة في غزة بقيادة حماس، ليست استثناء.





