إسقاط العسكرة إجتماعياً
عيسى احمد ذياب

إسقاط العسكرة إجتماعياً
يقال أنك كلما قرأت كتاباً تغير فيك شيء، لكن الحقيقة ليس تغييراً إنما تظهير لما في داخلك إلى الواقع.
إن تجارب الكاتب ما هي إلى حدث سبق حصوله معه او مع شخص أخر سيحصل معك وانت عند قراءته تحصل على علم بالحدث وتختار طريقة التعامل معه سواء كان للكاتب نصيباً من النجاح في توصيف الحدث وحله أم لا؛
لذلك إقرأ.
أستفيد من المقالات المتتابعة المهمة جداً للأستاذ الكاتب محمد قارووط ابو رحمة بداية من التركيز وان تكون حاضراً في الحاضر وفلسفة تدريب المشاة العسكرية التي أعتبرها فصولاً لكتاب واحد يهدف إلى بلورة قوننة حياة الفرد بإلتزام وإرادة شخصية لتكوين فريق مجتمعي متجانس موحد الهدف.
وأعتقد ان الكاتب يقصد بفلسفة أي المفهوم وليس القانون فمثلاً لو أنه قانون لكنا جردنا من مشيئتنا ولكن المفهوم هو بالإيمان بالمبداء والتركيز والإنضباط وهذه جميعها مطلوبة لإتمام مشيئة الفرد في الواقع الإجتماعي.
في أحيان قليلة جداً تحاصرك الخواطر وتشدد عليك فتشعر أن كل خلية في جسدك تتحسس وتتسائل أين هي المشكلة وما هو السبب في تتدحرجنا إلى قعر البؤوس والذل وكيف أننا أبناء اللغة الأوسع والفكر الغني والعلم المكنون والكتاب المسطور نعيش كألة يحشوها من يقودها بقليل من وقود!
يتحدث الرجال متذمرين من الحالة ويصنفون الأسباب منها الأكثر مسبباً ثم الاقل مسبب والملفت أنهم يضعون على رأس الأسباب عدم إحترام كلمة الكبير، أأيّن كان هذا الكبير!
بينما تُخَصص كلمة الكبير حمداً بصفاته الطيبة والصغير بناءاً على نذالته ويمكن أن تجد شاب فتي بالعقد الثاني كبيراً وأن تجد شيخاً طاعناً صغيراً!
لذلك يجب سحب هذا السبب المظنون به أنه أحد اسباب تخلفنا! علماً أن إحترام الكبير واجب إحتراماً وليس طاعةً إن كان يستحق.
في الماضي كان الناس يقصدون الرجل الحكيم للنصح، وكان الرجل الحكيم في مخليتنا في حلة بيضاء ناصعة ولحية تمكَّن منها الشيب ولكنهم يقصدون الحكيم لا لحيته البيضاء ولباسه النقي.
أحياناً تكون في محادثة ما، في إشكالية ما، فتقرأ قول ما أو مقال ما يكون سبباً في تعبيد الطريق لتحليل الإشكالية.
في مقال فلسفة التدريب العسكري للمشاة، يذكر فيه الكثير مما يشترك في نقاشنا اليومي عن حاضرنا ومستقبلنا وهو ما يحاول الكاتب إسقاطه على المجتمع إن كان التنظيم او المهارات التي يتدرب عليها العسكر كفلسفة عسكرية إلى فلسفة إجتماعية تقود إلى تحقيق الأهداف الموضوعة مسبقاً مع الإهتمام الكبير والكثير على التركيز والإلتزام والإنضباط.
الأستاذ محمد يرى في فلسفة التدريب العسكري بناءاً لجسد واحد قوي ومتماسك يجمعه هدف واحد واذا ما أسقطنا فعلياً هذه الفلسفة إجتماعياً فإننا سنتقدم أشواطاً كثيرة في أزمان قصيرة، ذلك أن تحديد هدف مجتمعي وألية تنفيذ وإنضباط بشري وزمني هو فلسفة جماعية تنفيذية في شروطها التحقق.
واليوم أصبحت أرى أن في التجنيد الإجباري فائدة عظيمة.
في مراحل حياتنا نتقلب في إهتمامات تتلائم مع تطور مشاعرنا، نحن شاهدنا أفلام أَسَرَت عواطفنا تجاه الأمين والصادق والمخلص والوفي وأحببناه رغم جهلنا بحقيقته وكرهنا لا بل شجعنا البطل النقي في كل مشهد على سفك دم ذلك النذل اللعين رغم جهلنا بحقيقته وهذا يعني أننا نتحرك بحسب المؤثرات، وهذا مهم جداً لأن يكون القيَّيم على الواقع الإجتماعي مزينناً للركائز الفضيلة مقرباً إياها قلوب الناس، لأن إلتزام الفضيلة وسيلة للصفوة والسيادة.
إن الهدف الموثوق وطريقة ترويجه والنجاح في جذب إيمان الناس به والوفاء له هو مدعاة للتضحية في سبيله، وهنا توضع أعمدة البناء الأول.
تزيَّن نتائج الإنضابط والإلتزام هو تبشير وعواقب التفريط وخيمة على صالح الفرد، وكما أرسل الله النبي رسولاً رحمة للعالمين بعثه مبشراً إن إلتزمت بصالح الأعمال وضبطت الشهوات بجنة عرضها السموات والأرض ونذيراً إن فرطت في حق قلبك من الإيمان والثبات، وهذا ما اراده الكاتب تبشيراً بسمو إنضباط الفرد والمجتمع.
عيسى احمد ذياب