لماذا حدث السابع من أكتوبر؟

إن واقع الحصار الذي كان مفروضًا على غزة، ما كان يحتمله بشر، كل تلك السنوات التي مرت عليهم، وما كان لأحد أن ينظر إليهم ويرفع عنهم هذا الحصار. فكيف لهم أن يبقوا داخل السجن وهم يعانون الحرمان من أبسط الحقوق كالحق في السفر، والتنقل والحركة، واستيراد البضائع وتصدير المنتجات، وكانت البطالة تقف بطوابير الشباب في سوق المتعطلين عن العمل.
الواقع المرير الذي عاشه سكان غزة طيلة السنوات الماضية، وانعدام أي أفق أو مستقبل شكل حالة أسست لما حدث في السابع من أكتوبر، وليس ذلك فحسب، بل إن سياسات الاحتلال المستمرة بفرض المزيد من الضغط والقيود وإجراءات الحصار والخنق والعقاب الجماعي الذي تعرض لها أهل القطاع كان لها بالغ الأثر في ما حدث، فليس هناك من محاصر لا يفكر بكسر الحصار، وليس هناك من أحد على هذا الكوكب يمكن أن يقبل الحياة وسط الحصار بشروط قاهرة ومهينة إلى الأبد.
لم يلتفت أحد لظروف الحصار الذي ظل مفروضًا طيلة السنوات، واعتقد العالم بمن فيهم الاحتلال أن الناس الذين يعيشون داخل تلك المساحة الضيقة باكتظاظ سكاني هو الأعلى في العالم، قد اعتادوا الحياة بكل ما فيها من قهر وحصار وحرمان، وأنهم سيبقون إلى الأبد على هذا النحو الذي كانوا عليه، يعيشون في سجن كبير اسمه غزة.
إن العالم حاول أن يتنكر لحق غزة وسكانها في الحياة، وسعى لإسقاط حقها في مقاومة الاحتلال ومقاومة الحصار ومقاومة كل السياسات العنصرية والفاشية، وأسقط كل المواثيق الأممية والقوانين الدولية، وحاول تجريدها من كل شيء، وهذا لم يحدث من قبل، في مشهد جعل الإنسان يقف على المحك، وهو يحاول تفسير ذلك، وكيف أن البعض تجرد من إنسانيته، وكشف عن كمية الكراهية والحقد التي تسكنه، فهل كانت غزة تستحق كل ذلك! أم أن العالم مصاب بهوس القتل والإبادة.
إن التعطش لفكرة القتل لدى الاحتلال وحكومة التطرف ظهرت في شكلها القاتل، كما ظهرت دمويتها وتعطشها لارتكاب المجازر، ومع كل الذي جرى في غزة، فإنها لا تزال تتهدد وتتوعد بالمزيد، ومع كل الموت الذي بات في كل شوارع وأحياء القطاع، فإن الإبادة الجماعية مستمرة وسط دعم أميركي وموافقة رسمية دولية، والسؤال هنا هو إلى متى سيبقى هذا الدعم، ومتى سيتوقف لتتوقف الحرب، ويتوقف القتل وتتوقف الإبادة.