بعد 500 يوم .. تفجعونـ(نا) بقتل رهائنـ(كم)

حمدي فراج
يعود الضمير المتصل "نا" في كلمة "تفجعوننا" إلينا نحن الفلسطينيين، والضمير المتصل "كم" في كلمة "رهائنكم" يعود إليكم أنتم الإسرائيليون، وبالتحديد حكومتكم برئاسة نتنياهو.
نعم سنفجع بقتل هؤلاء الأسرى الرهائن، حين نسمع عن قتلهم، بدلاً من أن نراهم وهم يخرجون أحياء على أقدامهم، معززين مكرمين وبصحة جيدة، بعد كل هذا الوقت العصيب في أنفاق ومتاهات تحت الأرض، معرضين للموت قصفاً كل يوم وربما كل ساعة.
في كل الأحوال، أنتم من سيتخذ قرار قتلهم، حتى حين يتم قتلهم من قبل آسريهم. سأقول كيف: عدم ذهابكم إلى المرحلة الثانية من الصفقة، يعني أنكم لا تريدون مبادلتهم، تريدونهم، لكن مجاناً بدون ثمن. عدم التزامكم بتنفيذ بنود الصفقة، كما حصل في الأسبوع الماضي بشأن إدخال المعدات الثقيلة والبيوت المتنقلة، يعني توقيف تنفيذ الصفقة، وهذا ما حدث حين أعلنت المقاومة عن تعليق الدفعة السادسة لمدة خمسة أيام. وقد ذهبت المقاومة للتنفيذ بعد أن سمعت من الوسطاء تعهدات بتنفيذ ما التزمت به إسرائيل، لكن شيئاً من ذلك لم ينفذ. فهل يظن نتنياهو كطرف، ومعه أمريكا ومصر وقطر كوسطاء وضامنين، أن المقاومة ستنفذ إطلاق سراح الدفعة السابعة بسهولة، وبدون مشاكل أو تعويق؟ وهنا ستتحمل إسرائيل مسؤولية هذا التعطيل، ومعها الوسطاء الذين تعدى دورهم التوسط إلى ضامنين. بل أن ترامب يشلح كل ثياب الوساطة والضمانة والكياسة والسياسة والأدب.
عدم الذهاب إلى مباحثات المرحلة الثانية، والتي كان يجب أن تبدأ قبل نحو أسبوعين، واقتراب انتهاء مدة المرحلة الأولى (عشرة أيام فقط)، دون أية بوادر إيجابية، بل بالعكس تماماً، لا تسمع إلا كلمات ومفردات إبادية، أقلها كلمة "الجحيم" على حماس وعودة احتلال نتساريم والبقاء في فيلادلفيا، تناغماً وتماثلاً مع ما يطلقه ترامب، ليس بحق حماس فحسب، بل بحق العرب وعروبتهم وأوطانهم. إذ ما الداعي للانسحاب وإدخال الكرفانات طالما أن الخطة الأمريكية تدعو للتهجير، أو بالأدق للتطهير.
لكن هذا سيؤدي إلى مقتل نحو 70 أسيراً، لن يتم إنقاذ أسير واحد، حتى لو ادعى "الشاباك" أنه توصل إلى معلومات جديدة من الأسرى الذين تحرروا، فإن تعليمات السنوار كانت واضحة بقتلهم، وأصبحت بعد استشهاده المشرّف، واجبة، إن لم تكن أكثر من ذلك.
إننا نفجع بقتلهم، كما سيفجع أهلهم وأحباؤهم وأعزاؤهم، ولا أعرف إن كان سيفجع شعبهم وحكومتهم وأحزابهم السياسية وطغمهم الاقتصادية، لكننا سنفجع بمقتلهم كشعب، ليس من الباب الإنساني فحسب، بل من باب أننا لن نرى أسرى لنا يتحررون ممن طالت أظافرهم وشعورهم خلف القضبان عشرات السنين. بانكسار هذه الموجة على صخرة الصهيونية والإمبريالية العاتية والرجعية العربية التابعة، يكون قد صدر الأمر بموت معظم هؤلاء الأسرى متعفرين بقيدهم، الذي لا يبدو أنه سينكسر في عملية تبادل جديدة قريبة قادمة