خلاصة كتاب محطات تاريخية مرت بها القضية الفلسطينية .

خلاصة كتاب محطات تاريخية مرت بها القضية الفلسطينية .
الصادر عن دار الشروق ( رام الله ، عمان ) / الطبعة الاولى عام ٢٠٢٤.
المؤلف : د. محمود عباس ، رئيس دولة فلسطين .
ملخص : حمزة خضر .
و قال الياهو أريل : إن جارته عرضت على زوجته بعض ما سرقته قائلةً : "احضرت من صفد العربية أشياء جميلة لي و لك، فساتين مخملية جميلة جداً، و مناديل، و حلي، و طاولة دمشقية، و أطقم فناجين قهوة فضية، و سجاد فارسي و أثاث صالون رائع".
هذا دليل على أن حياة الفلسطينيين كانت مزدهرة قبل الاحتلال و عندما زار ثيودور هرتزل أرض فلسطين في العام ١٩٠٢ قال مقولته المشهورة : علينا ان نتخلص من السكان الفلسطينيين حتى نروج لمقولة ( أرض بلا شعب لأرض بلا شعب ).
- كان هذا الحوار بين سارقتين في اكبر عملية سطو مسلح في التاريخ حسب توصيف المورخ الاسرا*ئيلي آدم راز في كتابه بعنوان " سلب الممتلكات العربية في حرب الاستقلال " الصادر عام ٢٠٢٠، و ورد هذا النص عنه في كتاب محطات تاريخية مرت بها القضية الفلسطينية.
يأتي هذا الكتاب في ١٢٢ صفحة يضيء من خلالها على عدد من التواريخ ذات العلاقة بأهم المحطات التي شكلت السردية التاريخية للقضية الفلسطينية حيث تناول الحديث بها فخامة الرئيس في محاضرة مكثفة لمدة ثلاث ساعات مع عدد من ممثلين النخب الفلسطينية .يقدم فيها شرحا مقتضباً لكل تاريخ و محطة مبيناً الاسباب و الاهداف و النتائج .
التواريخ :
يتناول الكتاب تعداد وذكر لأهم ١٠٢ تاريخ و محطة منذ العام ٩٠٠م حيث تهويد مملكة الخزر و الى العام ٢٠٢١ و خطابه في الامم المتحدة .
المحطات :
حيث يفسر الاسباب التي دفعت الى تهويد المملكة و الدور الذي كانت تلعبه في الصراع القائم ما بين الامبراطورية العربية الاسلامية و الامبراطورية البيزنطية و يشير الى تساؤل غامض حول من هو اليهودي ؟ اذا أن من تحول الى اليهودية لم يكن بالأساس يهودياً و إنما اعتنق ذلك من أجل مصلحة وهؤلاء ما يسمونهم بالسبط الثالث عشر وهذا يعني أن اليهود الاشكناز ( يهود الخزر ) الذين انتشروا في أوروبا بعد انهيار مملكة الخزر عام ١١٠٠ ليسوا (ساميين) بينما تعتبر دولة الاحتلال نفسها و تتهم كل من يختلف معها و ينتقدها باللاسامية و من هنا يجب ان نضع هاتان القضيتان ( السامية و الاصلاب اليهودية ) موضع دراسة و نقاش عند حديثنا عن المجتمع داخل دولة الاحتلال التي توصف نفسها بالدولة اليهودية .
يشير الرئيس في كتابه حول أسس تأسيس أو قيام كيانية خاصة باليهود و حول هذه الفكرة يبين أن فكرة قيام دولة لليهود لم تكن في يوم من الأيام فكرة يهودية حيث يستعرض التواريخ و المحطات المتعلقة في تلك الفكرة و التي تعود الى العام ١٢٤٠م حين رغب والي دمشق التقرب من الصليبين فقدم لهم قلعة صفد و في العام ١٢٦٦م تمت استعادتها على يد الظاهر بيبرس و في منعطف اخر تحولت الامبراطورية البريطانية الى جمهورية في العام ١٦٥٠م فاتفق كرومويل مع الحكومة الهولندية لتهجير اليهود الى فلسطين مقابل الدعم و المساعدة من أجل إقامة عدد من المشاريع الاقتصادية و في محطة اخرى في العام ١٧٩٩م اندحر نابليون على اسوار عكا واضعة بذلك حد لأحلامه الاستعمارية و موجهة ضربه لوعده بقيام دولة لليهود في فلسطين اذا ما استطاع السيطرة عليها و كان هذا الوعد النابليوني بمثابة وعد كوعد بلفور البريطاني الذي صدر في العام ١٩١٧ و لكنه تلاشى و اندثر بسبب هزيمة نابليون امام اسوار عكا .
و في مشروع أخر لتوطين اليهود في فلسطين سعت القنصلية الامريكية بإيعاز من حكومتها في العام ١٨٥٥م الى استيعاب اليهود حول حائط البراق و لكنهم رفضوا الفكرة و عمدت الحكومة الامريكية الى مواطنيها الامريكان ليقيموا فيها و من أثارهم فيها فندق أمريكان كولوني .
أما عن وعد بلفور المشؤوم يذكر الرئيس حقيقة حول هذا الوعد بأن من اعترض على هذا الوعد هو الوزير اليهودي أدموند مونتياغو و الذي عارض الوعد بحجة خوفه من فقدان اليهود لحقهم في أوطانهم ( أي البلدان التي سيهجرون منها الى فلسطين ) في حال فشل المشروع و لكنه وافق عليه بعد ضمان ذلك في الوعد بأن ذلك لن يؤثر على حقوقهم في أوطانهم الاصلية . غير أن الولايات المتحدة الامريكية الامريكية من خلال رئيسها و يلسون كانت حاضرة في تفاصيل الوعد حيث تشاور ميلسون مع بلفور فيما كان يصر الاول على الاطلاع على كل كلمة في الوعد ليوافق عليها او يرفض.
يشير الرئيس في كتابة الى دور الحركة النازية في تعاونها مع الوكالة اليهودية حيث ابرمت اتفاق ( هاعافرا ، العبور ) لتهجير اليهود الى فلسطين و عن دور الوكالة اليهودية في ذلك و دورها في إرهاب و خيانة اليهود لأنفسهم في حادثة اغتيال رودلف كاستنر و هو محامي و صحفي يهودي مجري و الذي أبرم إتفاق مع الحركة النازية ( إيخمان ) لهجرة ٢٠٠٠ يهودي مجري الى فلسطين مقابل تسليم مليون يهودي مجري للنازية . و كان ذلك بتصرف من الوكالة اليهودية حيث يشير كاسنتر في كتابه ( الشيطان و الروح ) ان لديه حقائق تدين رؤوس قادة الدولة اليهودية و أنه لو عمد الى نشر تلك الحقائق لسالت الدماء في تل أبيب !! اغتيل كاسنتر عام ١٩٥٧ امام منزلة في تل أبيب بإطلاق ٦ رصاصات عليه .
تشير تلك المحطات الى أن فكرة قيام دولة لليهود في فلسطين لم تكن فكرة يهودية و إنما هي فكرة نابعة من المصالح للدول الاستعمارية و أيضا للرفض الاجتماعي لليهود في المجتمعات الاوروبية حيث أنهم عاشوا في تلك المجتمعات على الهامش كالطحالب و لم يتم دمجهم فيها و التي كانت تثور عليهم و تقع لهم كل عشر سنوات مذبحة لسوء معشرهم و من هنا نبعة ما يعرف (بالمسألة اليهودية) .
و هذا ما يؤكد أن فكرة وجود وطن قومي لليهود في فلسطين ينبع من اطماع استعمارية و للتخلص من اليهود و وظيفتهم الاجتماعية التي ظهرت في أوروبا بشكل بشع و هذا يعني ان أصل الصراع سياسي، استعماري، تاريخي و ليس ديني أو عقدي .
و في جانب أخر يتطرق الرئيس في كتابة الى عمليتي بساط الريح و علي بابا لتهجير يهود اليمن و العراق الى فلسطين حيث بعد قيام دولة الاحتلال عام ١٩٤٨ بلغ عدد اليهود فيها ٦٥٠ الف يهودي و هذا العدد لا يمكن الاستناد عليه في قيام كيانهم مما اضطر بنجريون الى العمل على تهجير اليهود العرب الى من بلدانهم الى فلسطين حيث عمدت الوكالة اليهودية الى تنفيذ عمليات تفجيرية استهدفت الكنس و المعابد اليهودية و اتهام القوميين العرب في ذلك من أجل ارهاب اليهود و حثهم لترك أوطانهم الاصلية الغير أمنه لهم و الانتقال الى فلسطين .
و في هذا الجانب المتعلق بالمسألة اليهودية و قيام دولة الاحتلال يشير الرئيس الى القرارات الدولية المتعلقة في ذلك حيث أن اعتراف العالم بدولة الاحتلال كان مشروطاً بقبولها بالقرارات ١٨١ قرار التقسيم و القرار ١٩٤ قرار حق العودة و هذا يعني أن عضوية دولة الاحتلال في الامم المتحدة هي عضوية غير قانونية لعدم لامتناعها عن تنفيذ القرارين ١٨١+١٩٤.
يشير الرئيس الى الدور الامريكي الوكيل الحصري و الراعي الدولي لدولة الاحتلال مبيناً قدرة الولايات المتحدة الامريكية على فرض إرادتها على حكومات الاحتلال منذ بنجريون و حتى الان حيث ان انسحاب الجيش الاسرائيلي من سيناء و غزة عقب العدوان الثلاثي على مصر جاء تنفيذاً للإرادة الأمريكية حيث يقول بنجريون في مذكراته حول الانسحاب ( لقد انسحبت باكياً ) أي انسحب مرغماً .
و هذا ما يشير أيضا الى أن هذه الدولة المصطنعة لا تتجاوز في دورها دور القواعد العسكرية و لعجز الدول الاستعمارية من إخضاعها ( فلسطين) بالحلول العسكرية و استعمارها بالقوة جاؤا باليهود اليها لكي يسيطروا عليها حيث ولدت هذه الفكرة لدى نابليون منذ العام ١٧٩٩.
يتحدث الرئيس في كتابة عن نشأة منظمة التحرير الفلسطينية و حول انطلاقة حركة فتح و التي كان مقرراً أن تنطلق بتاريخ ١/٩/١٩٦٤ و لكنها لم تنطلق في ذلك الوقت و أرجئت الى تاريخ ليلة الفاتح من كانون الثاني من العام ١٩٦٥ .
و هنا يذكر الرئيس حقيقة ربما لا يعرفها غالبية الفتحاويين أن الزعيم الخالد ياسر عرفات عوقب على قرار عدم تنفيذ عملية الانطلاقة بالموعد المحدد لها ١/٩/١٩٦٤ و نتيجة لذلك استبعد من عملية الانطلاقة في الموعد التالي حيث اشرف عليها كل من الاخوة القادة الشهيد أبو يوسف النجار و الشهيد كمال عدوان و أبو الاديب - سليم الزعنون .
و يشير الى دور الاخ أبو عمار في الانطلاقة الثانية للحركة عام ١٩٦٧ و التي عمد بها الى ارساء قواعد العمل الارتكازية في الضفة الغربية حيث يشير الى حديثه مع أبو عمار حول حرب الايام السته قائلاً له : انتهت الحرب و انهزمنا في ستة أيام . ليرد عليه أبو عمار قائلاً : هم انهزموا ... نحن لم ننهزم .
يشير الرئيس في كتابة الى انه لابد من الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبناها كفلسطينيين في الاردن فكانت أيلول الاسود نتيجة نتجت عن ممارسات البعض التي لم يتحملها النظام الاردني أنداك . و عن الموقف الفلسطيني ازاء اجتياح الكويت و عن إعادة ترتيب الموقف الفلسطيني و تصحيح العلاقة مع الكويت و بيروت .
اضطرت قوات الثورة الفلسطينية للخروج من بيروت الى تونس و عدد من الدول العربية و هنا يشيد الرئيس بالدور التونسي الذي كان كريماً معنا كفلسطينيون و لم يتدخل في شؤوننا الداخلية حتى اتفاقية أوسلو لم تكن تونس على علم بها و هنا يشير الرئيس الى نوعية الحرب القادمة مع دولة الاحتلال بانها ستكون حرب ديموغرافية حيث أن مقولة ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ) قد اسقطناها و الان نحن أكثر منهم في فلسطين التاريخية و علينا ان نحافظ على وجودنا و ثباتنا في أرضنا .
يذكر الرئيس انتزاع أبو عمار لقرار صفة الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني ( م.ت.ف) في العام ١٩٧٤ و هذا ما قطع الطريق امام محاولات الاتجار العربية للقضية الفلسطينية و هذا ما كان يريده العرب باعتبار ان قضية فلسطين هي قضية قومية بهدف التملك للورقة الفلسطينية بهدف البيع و الشراء .
و يثني الرئيس على المحطة الهامة من تاريخ شعبنا الفلسطيني الا و هي محطة الانتفاضة الاولى و التي كانت محطة مشرفة للغاية نرفع بها رؤوسنا عالياً و كانت تعلمنا سياسة و كانت تتبنى القيادة شعارات الانتفاضة حيث في العام ١٩٨٨ تم أعلان الاستقلال لدولة فلسطين المستقلة و أيضا الالتزام بالشرعية الدولية و كانت هذه هي الخطوة الفاصلة لدخول فلسطين للنادي الدولي .
يشير الرئيس في كتابه الى محطات مفصلية في مسار حركة فتح و منها الانشقاق الاول عام ١٩٦٦ و خروج كل من عبدالله الدنان و عادل عبد الكريم من حركة فتح و تبعهم في ذلك معظم كوادر الحركة في إقليم الكويت باستثناء الاخوة القادة سليم الزعنون و خالد الحسن و يشيد باحترام المنشقون عن الحركة لها .حيث المؤتمر الثاني لم يحضروه لأنه من خرج عنها ( فتح ) قد خرج منها. و أيضا يروي الرئيس قصة حصول الحركة على المال الذي ساهم في تأسيس مؤسسة رعاية أسر الشهداء و الجرحى و عن الانطلاقة الثانية للحركة و العمل على نقل قواعد العمل الفدائي الى داخل الارض المحتلة حيث باشر ابو عمار في ارساء ذلك في عدد من مدن وبلدات الضفة الغربية .
يتحدث الرئيس عن معركة الكرامة و اهميتها و كذلك عن اتفاق القاهرة الذي نظم الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان و عن اجتياح ١٩٧٨ و الحرب الاهلية اللبنانية و اجتياح لبنان عام ١٩٨٢ و خروج قوات الثورة الفلسطينية منها و عن المجالس الوطنية الفلسطينية و اعلان الاستقلال و الانتفاضة الفلسطينية الاولى و المسار السياسي و عودة القيادة الفلسطينية الى ارض الوطن و المؤتمرات الدولية و اتفاق اوسلو و الانتفاضة الفلسطينية الثانية و الانتخابات الرئاسية و التشريعية و فوز حركة حماس و تنفيذها للانقلاب على الشرعية الفلسطينية . و ما تلا ذلك من مواقف سياسية و اعترافات دولية و انضمام دولة فلسطين لعدد من المعاهدات و المؤسسات الدولية .
يأتي الرئيس في كتابه على هبة القدس ( البوابات الالكترونية ) و هبة الشيخ جراح و أهمية النضال الشعبي و الترابط الشعبي بين كل مكونات الشعب الفلسطيني و التحام الشارع المقدسي مع موقف القيادة الفلسطينية حيث افشل هذا الترابط مشروع نتنياهو الذي يهدف الى فرض واقع جديد في المسجد الاقصى و المدينة المقدسة و كذلك يراهن على الدور الذي يلعبه المجلس الامريكي - الفلسطيني في نشر الوعي حول القضية الفلسطينية داخل المجتمع الامريكي الذي يؤثر بشكل كبير على مسار القرارات السياسية للحكومات الامريكية حيث نجح الفيتناميون في اختراق هذا المجتمع سابقاً و التحدث اليه مما ساهم في التأثير على القرارات السياسية الامريكية التي وصلت الى انهاء الاحتلال الامريكي لفيتنام .
يعطي الرئيس في شرحة للقرارات الدولية اهمية كبيرة للتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية و يولي هذا الحراك أهمية كبيرة و يراهن على نجاحه في تغيير نظرة الشعوب للقضية الفلسطينية .
إن كتب و مؤلفات فخامة الرئيس محمود عباس – أبو مازن تعد من أهم المراجع السياسية و التاريخية في القضية الفلسطينية حيث تستمد أهميتها من التجربة الشخصية و الممارسة السياسية لأحد قادة الحركة الوطنية الفلسطينية فهي ليست مجرد أبحاث لمختص او دارس .
حمزة خضر