نظام دمشق بين نارين

يناير 7, 2025 - 09:21
نظام دمشق بين نارين

حمادة فراعنة

هل ردت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، حينما استنكف رئيس الإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع وفريقه الرئاسي عن التجاوب في السلام على الوزيرة، التي مدت يدها، فوضع يده على صدره، كما هو متبع لدى الجهات التقليدية، وهكذا فعل فريقه أيضاً، بينما بادلوا الوزير الفرنسي جان نوبل بارو، السلام والترحيب المتبادل كما يجب. ففي الاجتماع المشترك: أوضحت الوزيرة الألمانية أن أوروبا لن تقدم الدعم "للإسلام السياسي"، وبذلك هل ردت الوزيرة الألمانية على الاستنكاف الذي واجهته أمام الكاميرا، وسبب لها الحرج أنها حضرت إلى دمشق مع زميلها الفرنسي كعنوان في إظهار الدعم الأوروبي بعد 8 ديسمبر 2024، وتغيير النظام.

"الحجيج" من الزوار الوزراء والمسؤولين العرب والأجانب إلى دمشق أظهروا اهتمامهم لحالة التحول التي اجتاحت سوريا، وإلى نوعية التحول نفسها، وإلى أين تتجه وتسیر؟؟ هل تسیر باتجاه تنظيم "سياسي إسلامي" سيحكم دمشق؟؟ أم باتجاه دولة التعددية الديمقراطية التي يحكم نظامها نتائج صناديق الاقتراع، لموقعي الرئيس ومجلس النواب.

 الكثير من الزوار يتحدثون عن ضرورة أن يكون النظام السوري المقبل نظامأً يضم الجميع بصرف النظر عن الدين، مع  أن الدستور السوري يُقر بذلك، ولا مشكلة دينية بين المسلمين والمسيحيين، أو بين السنة والعلويين والموحدين الدروز، المشكلة الجوهرية هي بين العرب والأكراد، وبالتالي قبول القومية الكردية والتعامل معها باعتبارها جزءاً من مكونات الشعب السوري، طالما أن قادة الحركة الكردية لا يتطلعون للاستقلال، بل يعبرون عن مواطنتهم السورية، ويريدون الإقرار والاعتراف بقوميتهم ولغتهم وخصوصيتهم الكردية ضمن الدولة السورية الواحدة.

 تحظى القضية الكردية بالتعاطف والتضامن العربي، أسوة بقضية الأمازيغ في بلدان شمال أفريقيا العربي من ليبيا والجزائر والمغرب، ومثل الطوائف الأفريقية غير العربية في السودان وبلدان القرن الأفريقي، ولكن مشكلة الكرد أنهم يقبلون بتدخل المستعمرة الإسرائيلية، وإعلانها الانحياز لهم، فيفقدون بذلك تعاطف قطاعات واسعة من العرب، على خلفية أن الأكراد يتعاملون ويتحالفون مع عدو العرب الوطني والقومي والديني والإنساني: مع المستعمرة الإسرائيلية . 

وزير خارجية المستعمرة جدعون ساعر وصف إدارة دمشق الجديد، برئاسة أحمد الشرع بأنها من : "جهاديين متطرفين انتقلوا ببساطة من إدلب إلى دمشق"، ووصف ساعر توجهات إدارة دمشق على أنها "لا تبدو مشجعة في الوقت الحالي"، وأنهم في تل أبيب "سيقيمون الإدارة السورية الجديدة وفق أفعالها"، وبذلك استبقت المستعمرة قبل استعادة دمشق  لعافيتها، وقامت بتدمير قدراتها العسكرية كاملة في مواجهة صمت سوري مطبق، حول الموقف والوضع في الجولان السوري المحتل، رغم أن أحمد الشرع شدد في تصريحات صحفيه له أنه " لن يسمح باستخدام سوريا قاعدة لشن هجمات ضد إسرائيل المستعمرة، أو أي دولة أخرى، وأن اهتمامه ينصب على استقرار سوريا".

 حقاً إن الذين لم يتمكنوا من قراءة خارطة الطريق للنظام السوري المقبل، هم مُحقون، وأن اجتماعات العقبة العربية والدولية ونتائجها، وما صدر عنها ما زالت هي البوصلة التي يمكن من خلالها الحكم على صواب الخيار السوري من عدمه؟