الأمن العربي في خطر.. البداية فلسطين والدول المحيطة

ديسمبر 24, 2024 - 09:29
الأمن العربي في خطر.. البداية فلسطين والدول المحيطة

فوزي علي السمهوري

المؤشرات فيما ينفذه الكيان الإستعماري الإسرائيلي كوكيل عن الولايات المتحدة الأمريكية تدل على استباحة أمن واستقرار جميع الدول العربية دون استثناء. وما العدوان الإسرائيلي الممنهج على الدول المحيطة بفلسطين المحتلة والاستفراد بكل دولة إلا البداية، مما يرتب على قادة الدول العربية مسؤولية بل وواجب التصدي الجمعي للمؤامرة الاستعمارية بقيادة أمريكية التي تستهدف إخضاع الوطن العربي قيادة وشعباً للهيمنة والسيطرة على المكانة الجيواستراتيجية للوطن العربي، وعلى مقدراته وثرواته لعقود قادمة، وما السياسة الأمريكية المعلنة بتغيير الشرق الأوسط والذي لا يعني سوى تفتيت وتقسيم الدول العربية الثرية أو الكبيرة سواء بمساحتها أو سكانها إلى دويلات قائمة على المذهب والعرق والطائفة والدين لضمان شرذمتها، ومنع وحدتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالتأكيد وحدتها الجغرافية .

  هل نمتلك أدوات القوة والإرادة ؟ 

 إن مواجهة أية مؤامرة إقليمية أو دولية بحاجة إلى توفر : الإرادة، وعناصر القوة .

  الإرادة

 هنا أعني الإرادة الشعبية وهي حاضرة بكل قوة، فالشعب العربي الذي خاض معارك الاستقلال في القرن العشرين أكبر دليل، وكذلك نضال الشعب الفلسطيني بكافة الوسائل المكفولة دولياً طليعة الشعب العربي في نضاله بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي من أجل الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، المستمر بالرغم من الفارق الهائل في موازين القوى العسكرية لصالح سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري المدعوم أمريكياً،  فالمطلوب إذن توفر الإرادة الرسمية العربية الغائبة حتى الآن، وهذا بحاجة أيضًا إلى توفر عناصر القوة الواجب توفرها واستخدامها  في مواجهة المخطط الإسروأمريكي الاستعماري العامل دون أي اعتبار لإمكانية وجود أو ولادة فورية لأي قوة تواجهه، وما حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الكيان الاستعماري الإسرائيلي بدعم أمريكي مطلق على قطاع غزة، وعموم فلسطين وعلى لبنان وسوريا، دون ردود فعلية عملية تضامنية فاعلة ورادعة عربية تؤثر على المصالح الأمريكية سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً لثنيها عن التراجع عن مخططها بالانحياز الأعمى للعدوان الإسرائيلي، وتبرير جرائمه وتمكينه من الإفلات من المساءلة والعقاب وإنكار الحقوق العربية إلا نتيجة لذلك  . 

عناصر القوة

 يتمتع الوطن العربي بعناصر قوة ديمغرافية واستراتيجية واقتصادية وثروات طبيعية، كما يتمتع أيضاً بدعم دولي واسع لأمن واستقرار الدول العربية ولحقوق الشعب الفلسطيني، وما قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا دليل أيضاً على عزلة السياسة الأمريكية والإسرائيلية، كما يفتقر بذات الوقت إلى القوة العسكرية والعلمية والتكنولوجية، وإلى غياب العمل العربي الموحد للتصدي لسياسة الاستفراد بكل دولة على حدة والاعتماد القطري على الدعم الخارجي لحماية ذاته وغياب الديمقراطية .

  لمعالجة عناصر الضعف الواردة أعلاه يتطلب : 

▪︎  أولاً، الاعتراف الذاتي بواقع الحال، والإيمان المطلق بأن التوافق العربي بل الموقف العربي الموحد هو السبيل الوحيد للدفاع عن المصالح والأمن القومي العربي بمفهومه الشامل .

 ▪︎ التخطيط والعمل لمعالجته ومغادرته، وفق وضع استراتيجية عملية قطرية وقومية تعالج عناصر الضعف .

 ▪︎  البدء في تنفيذها دون التأثر بأي عوامل إقليمية وخارجية محبطة ومثبطة .

 ▪︎ تعزيز وحدة الجبهة الداخلية لكل قطر، مما سينعكس إيجاباً على وحدة الأمن والاستقرار العربي، وذلك  عبر ترسيخ أسس المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان  .

إجهاض المخطط الإسرائيلي بتأبيد احتلاله الاستعماري الإحلالي لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دولياً، وبتهجير الشعب الفلسطيني خارج وطنه، مما سينعكس سلباً على الأمن القومي الأردني والمصري يشكل الحجر الأساس بالانتقال من مربع الضعف والاستباحة، لمربع القوة الفاعلة بمواجهة والتصدي للمخططات التوسعية والعدوانية والتهديدات بأشكالها وعناوينها للأمن والاستقرار القومي العربي ووحدة أقطاره .

يتطلب الواقع الحالي، وبهدف تحقيق الأمن والسلم الإقليمي المستدام من قيادة  الدول العربية، أن تبدأ  بمخاطبة الولايات المتحدة الأمريكية منذ الآن، وقبيل تسلم الرئيس ترامب ولايته في العشرين من كانون الثاني، من أجل حث أمريكا على الاضطلاع بمسؤولياتها وواجباتها دون ازدواجية  كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن للانتصار لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وللقوانين الدولية لإلزام الكيان الإسرائيلي الإرهابي بوقف عدوانه الهمجي تنفيذاً للقرارات الدولية، وبإنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة بلغة المصالح، بعيداً عن لغة المناشدة والاستجداء .

 حرية فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس كانت وستبقى العنوان والبوصلة لنظام دولي جديد قوامه الحرية والعدل والمساواة بإعلاء قيم قوة الحق