قطاع غزة.. الكارثة تتسع

أكتوبر 1, 2024 - 10:38
قطاع غزة.. الكارثة تتسع

بهاء رحال

حرب الإبادة في غزة مستمرة، وعمليات القصف لا تهدأ، ومسلسل القتل لا يتوقف، ومعاناة النازحين تتخذ أشكالًا أكثر قهرًا وأصعب مما يمكن أن تقوله كلماتنا؛ فحجم المعاناة خارج صور الخيال، وفي ذروة ما يحدث من تسابق إعلامي للفضائيات ووسائل الإعلام، فإن صورة غزة برغم حضورها تراجعت أمام أحداث متسارعة في المنطقة، ولأن معاناة غزة أكبر ومستمرة منذ ما يقرب العام فإنها لا بد أن تبقى حاضرة وبقوة، لا أن تتراجع أمام حضور أخبار أخرى، فعذابات الناس تزداد ويرتفع منسوب الألم والفقد، وعمليات القصف والإبادة لا تتوقف وسط جنون الاحتلال الهستيري الذي يصرّ على مواصلة القتل، وارتكاب المجازر، وعدم التفاوض للتوصل إلى صفقة توقف جحيم الإبادة، وتجعل الناس يلتقطون أنفاسهم لبعض الوقت، وأن يجدوا طعمًا يأكلونه وماءً صالحًا يشربونه. 

وبينما تتجه الأنظار إلى الشمال وقد استعد الاحتلال لعمليات برية لغزو جنوب لبنان، يواصل جيشه عملياته في غزة ويواصل ارتكاب المجازر في كل حي وكل منطقة وكل شارع، وهو غير آبه بشيء، وغير مبال بحياة مليوني إنسان يتعرضون لجنون الجنود ويتهددهم الموت الجماعي قتلًا وجوعًا وعطشًا.

حرب الإبادة في غزة تقترب من نهاية عامها الأول، وسط اشتداد القتل والنزوح وتمادي عمليات التخريب والتدمير المنظم والممنهج، الشامل لكل مناحي الحياة، وفق رؤيا لا تزال تسكن عقلية الاحتلال وحكومته بالسعي نحو دفع الناس إلى الهجرة، والخروج من القطاع، وهو هدف واضح منذ البداية، بيد أنه اصطدام بتمسك الناس وتشبثهم بالبقاء، رغم ما أصابهم من ويلات مستمرة حتى اليوم، فحال الواقع فاقد لأهلية العيش، ولا يصلح كبيئة مناسبة لحياة الإنسان، بلا أدنى مقومات العيش، وبأقل القليل من الطعام والشراب، وبلا بيوت لها سقف، وسط خيام أصبحت بالية بعد أن مضى عليها عام، حملها النازح من مكان إلى آخر وتعرضت لكل الظروف الجوية والعوامل الطبيعية وغير الطبيعية، وهذا واقع قاسٍ وصعب، يعيشه الناس على أمل أن تتوقف هذه الإبادة، وأن لا تطول لعام آخر، فحتى مراكز الإيواء باتت مكرهة صحية وبيئة غير صالحة للحياة.

خطط عديدة يريد الاحتلال تنفيذها، أخطرها التهجير وليس أقل من ذلك خططه بقضم ثلث مساحة القطاع من جهة الشمال وضمها، مرورًا بخطط أخرى متعلقة بمحور فيلادلفيا ومعبر رفح وتقطيع أوصال القطاع، وإعادة الاحتلال الكامل، وغيرها من الخطط التي تدفع بها حكومة نتنياهو في مساعيها لخلق واقع جديد.

الواقع الكارثي في غزة يحتم أن لا تغيب الصورة، ولا تسكت التغطية أو تخفت، فلا تزال آلة القتل والموت تصول وتجول، وهي تحوّل حياة الناس إلى جحيم لا يطاق، في ظل غياب تام للصوت الدولي الفاعل، بل أكثر من ذلك حيث اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة كانت باهتة جدًا وغير فاعلة على المستوى الحقيقي المنشود، ما شكل لنا خيبة أمل جديدة بعدالة المجتمع الدولي.