إسرائيل ستحترق !!

سبتمبر 28, 2024 - 10:18
إسرائيل ستحترق !!

أحمد صيام

مجريات الأحداث المتسارعة وفي معظمها مفتعل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأركان حربه وأعضاء ائتلافه اليميني المتطرف، وعلى رأسهم بن غفير وسموتريتش، ما هي إلا مؤشرات لنيران قادمة ستلتهم الأخضر واليابس في إسرائيل ، وربما مؤشرات بدايات النهاية للمشروع الصهيوني والحلم اليهودي ، ما يجعل من الممكن رؤية عالم من دون اسرائيل . 

فنتنياهو وللتغطية على فشله حتى اللحظة من النيل من عزيمة وإرادة المقاومة في غزة ، ومن قبل الشعب الفلسطيني، وتحقيق ما أعلنه من أهداف مع بدء عدوانه بُعيد عملية السابع من تشرين أول ( أكتوبر) الماضي والوصول إلى الإسرائيليين المحتجزين بيد المقاومة وتحريرهم، وفشله أيضاً في جر الضفة الغربية إلى المربع الذي يتمناه، ليبرر ارتكاب مزيد من الجرائم بحق البشر والحجر كما يجري وما زال في قطاع غزة ، ها هو ينتقل إلى الجبهة اللبنانية في محاولة ربما الأخيرة منه للحفاظ على ماء وجهه، وكسر شوكة حزب الله اللبناني الذي يخوض حرب استنزاف منذ بدء العدوان على قطاع غزة، ترهق إسرائيل على كافة الأصعدة ، وشردت ساكنيها خاصة في الشمال، وما زال الحزب يقارع ويرفض الاستسلام لاملاءت نتننياهو بالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه من دماء قياداته وعناصره ومؤيديه ومن منشآته، ومتمسك بشروطه المتمثلة بوقف العدوان على قطاع غزة، لكن نتنياهو يرى الأمور من منظور آخر، ويصر على جر المنطقة إلى حرب إقليمية يورط فيها أمريكا وحلفاءها، وتنخرط فيها إيران، وما يطلق على نفسه محور المقاومة، تنقذه من الفشل، والإفلات من العقاب والحساب من شعبه أولاً ومن ثم من القانون الدولي.   

لذلك فهو ماض في إشعال الحرائق واستخدام التضليل والكذب والمراوغة سلاحاً للتغطية على فشله، ولا يعير أية أهمية للحالة النفسية التي يعيشها جنوده، وحالة الإرهاق التي بدات تدك عصبهم، والتشرد الذي يعاني منه سكان الشمال، والمكانة المتدنية جداً التي وصلت إليها دولته في العالم، والسمعة السيئة والقذرة على حد وصف كثير من الغرب، والتي تشكلت لدى شعوب العالم عن دولته وجيشه جراء الجرائم البشعة التي ترتكب بحق المدنيين العزل في غزة والضفة ولبنان، وهي مشاهد تندى لها البشرية والإنسانية، وتؤكد كذب نتنياهو وأركان حربه باستهداف الأماكن العسكرية لما يصفهم بـ - الإرهابيين - فلم يعد ينطلي على أحد أن هذه الجرائم بحق الإنسانية، ما هي إلا جرائم حرب، مخالفة لكافة القواعد المتعارف عليها في الحروب، ومن كل بد سيُحاسب عليها مرتكبيها، وستنصب لهم المشانق، ولن تنفعهم الحماية التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من بقية العجم والمتخاذلين العرب توفيرها لهم. 

نتنياهو الذي تسيطر عليه العقلية الدموية التوسعية، يعيش الآن حالة من النشوة بنصر مزعوم، بعد سيطرته الشكلية على قطاع غزة والحد من ضربات المقاومين - مع أنها لم تتوقف - وقتله العشرات من أبناء الضفة في طولكرم وجنين وطوباس ونابلس وأنحاء مختلفة من الضفة الغربية المحتلة، والأهم من ذلك كله نجاح استخباراته وما حققته من استهداف مباشر لقيادات وعناصر حزب الله اللبناني بعمليات - من دون شك كانت نوعية - لكنه يدرك أنها استهدفت مدنيين بشكل أكبر، ولا يدرك أن حزب الله اللبناني منظمة مؤسساتية بحته لديها من القدرات ما لا تمتلكه أية حركة مقاومة أخرى وبإمكانه التعالي على جراحه والتشافي سريعاً والاستمرار في المقارعة، وما يؤكد ذلك أنه بعد الاستهداف الإسرائيلي لمجموعة من قياداته أطلق مئات الصواريخ إلى العمق الإسرائيلي، ضربات وصلت إلى أماكن لم تكن مستهدفة من قبل، بالرغم من عدم كشفه حتى اللحظة عما يمتلكه من أسلحة استراتيجية، تحاول دولة الاحتلال من ضرباتها له الضغط عليه لاستخدامها وإظهارها إلى سطح الأرض، وتخشى أن تفاجئها حال توسع نطاق الحرب في لبنان، وهو فشل استخباراتي إسرائيلي في معرفة ما يمتلكه الحزب من أسلحة استراتيجية.  

نتنياهو ما زال متمسكاً بعقليته المتطرفة، ويُغذيها بأفكار المتحالفين معه من غلاة المتطرفين في إسرائيل، إضافة إلى تغذية مباشرة يستقيها من غطرسة زوجته سارة التي تحاول أن تغدو "سارة ابراهيم " يقدسها الاسرائيليون، لذلك لن يوقف عدوانه الدموي، ربما إلى أبعد تقدير حتى تنتهي الانتخابات الأمريكية القادمة في تشرين الثاني ( نوفمبر) القادم ، ولا يكترث لمجتمعه الآخذ بالتفكك والانقسام، وماض في أحب الطرق إلى قلبه وهي الدموية، والتي بدأت تخلق للإسرائيليين، وفي مقدمتهم هو وأركان حربة مشاكل لن يستطيع الفرار منها، خاصة محكمتي الجنايات والعدل الدوليتين، إضافة إلى مضاعفة تراكمات من الحالة العدائية في المجتمعات العربية المحيطة بدولة الاحتلال، والتي بدأت تتشكل في وعيها الاطماع الصهيونية والأحلام اليهودية التي تهدد أمنهم المعيشي والمجتمعي والتي لم تعد سراً، ولعل العملية التي قام بها الشهيد الأردني ماهر الجازي على جسر الملك حسين وقتله ثلاثة من رجال الأمن الإسرائيليين، ومشاركة مئات الآلاف من الأردنيين في تشييع جثمانه، أبرز الشواهد على حالة الغضب والاحتقان الآخذة بالازدياد في المجتمع العربي، مع استمرار العدوان، حتى على المستوى الرسمي العربي صار هناك مخاوف أخذت تطفو إلى السطح من خطورة هذه الأطماع التي تُهدد الأمن القومي العربي، وهو ما عبر عنه في أكثر من مناسبة زعماء عرب في مقدمتهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتحذيراتهم بأن الممارسات الإسرائيلية الخارجة عن الأعراف الدولية ستخلق أجواء متوترة تعصف بالمنطقة برمتها ولن تكون إسرائيل بمنأى عنها. 

قد تكون الأيام المقبلة شديدة المطر، لكنها لن تبقى غائمة دائماً، فهناك عوامل أخذت تتداخل بعضها ببعض توحي أن إسرائيل مقبلة على حريق قادم يشتعل من داخلها بعد أن تضع الحرب أوزارها، فالوحشية المفرطة التي مارستها وما زالت دولة الاحتلال، من حكومة وبرلمانيين وجيش ومستوطنين، بدأت تؤتي ثمارها في تقويض الحلم الصهيوني، وتفتيت الدولة وتصنيفها ضمن المنبوذين عالمياً، المجتمع الإسرائيلي بدأ يدرك جيداً الأخطار المحدقة به والتي سببها الثالوث المتطرف الذي يحكم الدولة، ويسعى وراء مصالح ذاتية وأحلام يقظة سيقودها إلى التفكك والانهيار والعزلة ويعجل من انهيار بات وشيكاً، ويتضح ذلك من ازدياد التأييد العالمي للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وضرورة أن يتمتع الفلسطينيون بحريتهم وإنهاء الاحتلال، حتى من جانب حلفاء قريبين لدولة الاحتلال، والذين باتوا يفكرون بمصالحهم التي تضررت مع العالم العربي، فبدأوا يدرسون حظر توريد السلاح إليها. 

المؤشرات توحي بسباق مع الزمن يخوضه الإسرائيليون الذين باتوا يخشون حزم امتعتهم والرحيل عن أرض كانوا قد أتوا اليها من بيئات ومجتمعات مختلفة، استوطنوها عنوة وفرقوا أهلها عنها، وانتزعوها من قلوبهم وعملوا المستحيل لجعلها واقعاً لهم، تمردوا على كل القيم، خانوا من كان لهم يوماً ملاذاً من بطش تعرضوا له وسفكت دماؤهم دون رحمة، لكن هذه الأرض رفضتهم قبل أن يرفضهم ساكنوها الذين يعتبرونها جزء من عقيدتهم، والحلم الصهيوني بات في أوج ضعفه، ومن هنا فالأمتين العربية والإسلامية استغلال ما لم يدعموه جيداً من كفاح ونضال فلسطيني، والأخذ بالأسباب والعمل على تنميتها بما يخدم مصالح شعوبها، وسكب المزيد من الوقود لتشتعل النيران أكثر في إسرائيل للخلاص من كابوس يهدد أمنهم القومي والأمن الإقليمي وحتى الأمن العالمي .

 

..............

المؤشرات توحي بسباق مع الزمن يخوضه الإسرائيليون الذين باتوا يخشون حزم امتعتهم والرحيل عن أرض كانوا قد أتوا اليها من بيئات ومجتمعات مختلفة.