"قائمة العار".. تجريدٌ لإسرائيل من حصانتها ومقدمةٌ لمحاسبتها على جرائمها

يونيو 10, 2024 - 11:02
"قائمة العار".. تجريدٌ لإسرائيل من حصانتها ومقدمةٌ لمحاسبتها على جرائمها

د. أحمد عزم: قرار مهم يجب البناء عليه سريعاً والحاجة مُلحّة لتحرك دولي وعربي لإيقاف الجنون الإسرائيلي

خالد قزمار: متأخر لكنه يُظهر حقيقة دولة الاحتلال القاتلة للأطفال ويجب أن ينعكس على علاقات الدول بها

قاسم عواد: العالم يقف الآن على الجانب الصحيح وإن كان بعد سنوات طويلة من الجرائم بحق أطفال فلسطين

محمد هواش: قرار له طبيعة معنوية بالدرجة الأولى.. وجزء من ضغوط على إسرائيل تحتاجها الإدارة الأميركية

ارتفعت مجدداً وتيرة إسرائيل العدوانية ضد الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش بعد القرار الذي اتخذ يوم الجمعة الماضي، القاضي بإضافة إسرائيل إلى "قائمة العار" للدول التي تقتل وتجرح الأطفال خلال الحروب والصراعات المسلحة الأُخرى، وكأنها تستكثر على أعلى هيئة دولية اتخاذ مثل هذا القرار بعد ثمانية أشهر من حرب الإبادة التي تشنها على البشر والحجر والشجر في قطاع غزة، ودفع فيها الأطفال ثمناً لا يتخيله عقل، ولا يقبله منطق، إذ زاد عدد الشهداء من الأطفال عن خمسة عشر شهيداً، إضافة إلى عشرات آلاف الجرحى والمفقودين والمشردين.

بالمقابل، قوبل هذا القرار الأممي بالترحيب من جانب الفلسطينين والمراقبين ومؤسسات حقوق الإنسان، "وإن كان قد تأخر كثيراً"، لكنه محطة مهمة لتجريد إسرائيل من حصانتها التي تمتعت بها لعقود طويلة ومحاسبتها على جرائم الحرب المروعة التي ارتكبتها ولا تزال، فيما عبّر البعض عن مخاوفه من ردة فعل دولة الاحتلال والذي قد يصل حد الجنون، وبالتالي وجوب أن يكون هناك تحرك دولي سريع لإيقاف هذا الجنون والبناء على القرار لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية.

وكان غوتيريش أبلغ إسرائيل، يوم الجمعة، أنه تمت إضافتها إلى ما تسمى "قائمة العار" للدول التي تقتل وتجرح الأطفال خلال الحروب والصراعات المسلحة الأخرى، وهو ما أثار غضب المسؤولين الإسرائيليين، الذين سارعوا لمهاجمة الأمم المتحدة، والتنديد بقرارها، مهددين بأنه ستكون له عواقب على علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة".

وفي المقابل، رحبت مختلف الأوساط الفلسطينية بالقرار، وطالبت الرئاسة الفلسطينية في بيان مجلس الأمن باتخاذ قرار بالوقف الفوري للعدوان المتواصل على أبناء شعبنا، ووقف جرائم الإبادة الجماعية بحق شعبنا في غزة والضفة والقدس، معتبرة أن "القرار خطوة في الاتجاه الصحيح لمحاسبة إسرائيل على جرائمها ووضع حد لها من قبل المجتمع الدولي، على طريق تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية".

وعلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر د.أحمد عزم في حديث خاص لـ "القدس" دوت كوم، على ردود الفعل الإسرائيلية العنجهية على القرار، مشيراً إلى أنها تعكس مدى التخبط الإسرائيلي، وتعكس حالة نفسية جماعية إسرائيلية فيها الكثير من الإنكار، وفيها الكثير من التعالي، وهذا بقدر ما يعكس العزلة الإسرائيلية، بقدر ما يثير الكثير من المخاوف حول المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا الجنون.

وأضاف عزم: بعد قرار الأمم المتحدة، رأينا تعنّت إسرائيل في المفاوضات، ورأينا مجزرة النصيرات. باعتقادي هذا القرار مهم جداً، ولكن يجب أن يبنى عليه سريعاً، وهناك حاجة لتحرك دولي وعربي لإيقاف الجنون الإسرائيلي، لأنه كلما اتجه العالم نحو تطبيق القانون الدولي، ومحاولة تطبيق المعايير الدولية، زاد الجنون الإسرائيلي.

من جانبه، اعتبر المحامي خالد قزمار رئيس الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، في حديث خاص لـ "ے"، أن القرار جاء متأخراً، مشيراً إلى أن هناك خمسة انتهاكات جسيمة تعتبر المقياس لمدى التزام الدول في هذه المناطق باحترام حقوق الأطفال.

وقال قزمار إنه في كل سنة يقدم تقارير من هيئات مختلفة فلسطينية ودولية عن حالة حقوق الطفل في فلسطين، ويدرج فيها أن هذه الانتهاكات الخمسة تنتهك من قبل الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج ومستمر، ولكن تقييمات الأمم المتحدة يكون فيها نوع من المساومات السياسية، وفي كل مرة تتملص دولة الاحتلال من إدراجها في هذه اللائحة، وكانت المرة السابقة في العام 2015 عندما ناقشت أوضاع الأطفال في فلسطين، وكان هناك ٥٠ شهيداً من الأطفال في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، وللأسف المساومات السياسية استطاعت إنقاذ إسرائيل.

وتابع: "الآن لا يستطيع الأمين العام، ولا أية دولة أن تتجاهل هذا الرقم الخيالي من الشهداء الأطفال، والانتهاكات الكارثية بحق الأطفال وتحديداً في قطاع غزة".

وأكد رئيس الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال "أن نتائج هذا القرار تظهر دولة الاحتلال على حقيقتها وأنها فعلاً دولة قاتلة للأطفال". وقال: "يجب أن ينعكس هذا على علاقات الدول مع هذه إسرائيل التي تدعي أنها ديمقراطية، وأن تكون هناك إجراءات لمنع التعامل مع الجيش الإسرائيلي، ومنع تزويده بالسلاح، من أجل أن يعاقب على هذه الجرائم التي ارتكبها، حتى نضمن عدم تكرار ما يجري حالياً في فلسطين وفي أية منطقة أُخرى".

بدوره، قال وكيل دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير قاسم عواد لـ"القدس" دوت كوم: "إن القرار جاء في إطار تصويب التاريخ، لكنه متأخر جداً وجاء بعد سنوات طويلة من الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية ضد أطفالنا في فلسطين"، لافتاً إلى "محاولات حثيثة تمت خلال السنوات السابقة لإدراج إسرائيل على قائمة العار، لكن للأسف كان هناك نوع من الحماية وازدواجية المعايير العالمية".

وأضاف عواد: "بعد قرار الأمم المتحدة يقف العالم على الجانب الصحيح من التاريخ، في محاولة لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، ابتداءً من الإبادة الجماعية، وصولاً إلى تفصيلاتها وبضمنها اعتداء إسرائيل على الأطفال والنساء، مخالفة بذلك القرار الأممي رقم (١٣٢٥)".

من جانبه، أكد الكاتب والباحث السياسي د. محمد هواش لـ "القدس" دوت كوم، أن "القرار له طبيعة معنوية بالدرجة الأولى، وله أيضاً تأثير في العلاقات العامة، وفي المستقبل ربما تأخذه في عين الاعتبار بعض الدول التي لها علاقات تجارية وعلاقات تزويد إسرائيل بالسلاح، وعندما تدرج إسرائيل على هذه القائمة يصبح من الصعب على الرأي العام في دول تلتزم بحقوق الإنسان، أن تتعامل مع إسرائيل بهذا المستوى".

وأوضح هواش أن القرار يأتي بناءً على طلب مجلس الأمن، حيث تقوم الأمم المتحدة بصياغة هذه القائمة، ووضع المخالفين والذين ينتهكون حقوق الأطفال والذين يتجاوزون القانون الدولي وقانون الإنسان الدولي في هذا المجال، ليدرجوا في القائمة، وسيناقشها مجلس الأمن خلال الفترة المقبلة، وستكون هناك ثلاث محطات لنقاش هذه القضية بعد أسبوع، وفي السادس والعشرين من الشهر المقبل يقرها مجلس الأمن، وبعد ذلك تصبح سارية المفعول.

واعتبر هواش القرار جزءاً من الضغوط الدولية والأميركية تحديداً، التي تسمح بفتح تحقيق ولا تسمح حتى الآن بإدانة مطلقة وإدانة كاملة لإسرائيل. وقال موضحاً: "الولايات المتحدة تقدم إشارات لإسرائيل كي تستجيب إلى وقف الحملات السافرة على المدنيين في غزة، وعلى البنية المدنية في قطاع غزة".

وأضاف: "وهو يعتبر أيضاً جزءا من الإشارة الخضراء التي تصدرها الإدارة الأميركية للمنظمات الدولية كي تشكّل بصورة أو بأخرى، ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية كي تغير الاتجاه وتستجيب لمطالب ومساعي الولايات المتحدة ورغبتها بعدم رؤية حرب أثناء حملة الانتخابات الأميركية، وبالتالي هي جزء مركب من ضغوط تحتاجها الإدارة الأميركية الحالية، ولا تحتاج إلى رؤية المشاهد البشعة والإجرامية والوحشية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة خلال الأشهر الثمانية الماضية".