احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية
صحيح أن "انتفاضة الجامعات الأمريكية" التي امتازت بانضمام أساتذة الجامعات والعاملين فيها للطلبة هي شبيهة، لكن أكثر ثورية، مقارنة بتلك التي اندلعت ضد نظام "الفصل العنصري" في جنوب أفريقيا، حين أجبرت الاحتجاجات الطلابية في عام 1985 مسؤولي جامعة كاليفورنيا على تجريد أكثر من 3 مليارات دولار من أصول الشركات التي كانت لها علاقات بكيان الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، لكنها اليوم أكثر ثورية، لأن الحدث تجاوز نظام الفصل العنصري بمجازر إبادة يومية متكررة، تقارفها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ويرونها مليئة بالدمار الشامل والدماء المتدفقة والأشلاء المتطايرة للمدنيين، أطفالاً كانوا أم عجائز أم كهولاً، وغيرهم من نساء ورجال، يتابعها الطلبة على وسائط التواصل الاجتماعي. ومع أنه حدث خارجي، لكنه تحول إلى حدث أمريكي داخلي من خلال المطالب الطلابية المتعاطفة مع الفلسطينيين، والتي تتهم الحكومة الأمريكية بدعم الإبادة "نصرةً" للكيان الصهيوني. وحقاً، فإن امتداد الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية (وبالذات جامعات النخبة التي تحكم وتخرج الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة والجيل القادم من القادة) يحمل في طياته مشكلة تضع الولايات المتحدة في أزمة.
إن تواصل "انتفاضة الجامعات الأمريكية" (وامتداداتها العالمية) يتوقع أن يُحدث تغييرات ملحوظة، وإن لم تكن بالسرعة التي يرجوها الطلبة. فهكذا احتجاجات عادة ما يكون لها تأثير مباشر على الوضع السياسي والانتخابي في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، وهذا ما حدث خلال حرب فيتنام، حيث ساعدت الاحتجاجات الطلابية في ترجيح كفة الميزان لمصلحة الجمهوريين، وهو السيناريو الذي قد يتكرر قريباً. ماحدث ويحدث في الجامعات الأمريكية والبريطانية والأوروبية (بل على امتداد العالم) هذه الأيام يمثل ثورة غير مسبوقة في عالم الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي، وقد تصبح في قادم الأيام أحد دروس التاريخ المعاصر المناهضة للصهيونية.
اليوم، وحدت قضية فلسطين الحركة الطلابية في الجامعات الأمريكية، وكأن الطلبة بدأوا يحتلون دور الطبقة العاملة... يا طلاب العالم اتحدوا بدلاً من: يا عمال العالم.. اتحدوا. وهذا مرده التراكم بفضل وسائط التواصل الاجتماعي، وهو تراكم كمي متدرج متصاعد على امتداد السنوات القليلة الماضية، شكل حالة من الوعي الداخلي عند قطاعات عالمية واسعة، بحيث وصلت إلى الجيل الأمريكي (بل والغربي بعامة) الشاب بالذات، وهو الجيل الذي اكتشف"الوجه الحقيقي البشع" لإسرائيل، وما تم من سلب قديم/ جديد للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. وكما هو معلوم فإن التحول من الكمي إلى النوعي يحتاج إلى صاعق مفجر، وقد جاء هذا الصاعق المتفجر بشكل ضخم وهائل، وهو حرب الإبادة والفظاعات الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة أساساً (والضفة الغربية والقدس أيضاً) فتفجرت المسألة.
----------
اليوم، وحدت قضية فلسطين الحركة الطلابية في الجامعات الأمريكية، وكأن الطلبة بدأوا يحتلون دور الطبقة العاملة... يا طلاب العالم اتحدوا بدلاً من: يا عمال العالم.. اتحدوا.