مائة آلية عسكرية تغير معالم مخيم "نور شمس"
لم تمنع عتمة وعطش ثلاثة أيام عاشها مخيم نور شمس، بزوغ فجره من جديد، وسماع تغريدات العصافير المنتشرة في أطرافه الطبيعية، رغم الحزن والدموع وأصوت الوداع والفخر بزفاف 14 شهيدا من أبناء المخيم ارتقوا خلال أطول وأعنف عدوان شهده المخيم منذ عام 2002.
عرس الشهداء، سار بين دمار الشوارع وركام المنازل، الذي لا يمكن وصفه، فوق الردم والتشريد، ليظل "نور شمس" مشرقاً، وبوابةً من بوابات العبور والعودة إلى ما كانه أهله، إلى قراهم ومدنهم التي عَلقت وعُلقت في ذاكرتهم وقلوبهم جيلاً بعد جيل.
في الخامسة من عصر يوم الخميس الثامن عشر من نيسان الجاري، وحتى مساء أمس السبت، طحنت أكثر من مائة آلية عسكرية إسرائيلية، شوارع وأزقة مخيم نور شمس، لقتل روح المخيم، الذي شهد منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وحتى اليوم 22 اقتحاماً، اسفرت عن ارتقاء أكثر من 56 شهيدا.
بطول يقارب تسعة أمتار، وارتفاع يصل إلى أربعة امتار ونصف المتر، وعرض يتجاوز الأربعة أمتار، وبوزن 62 طناً، اقتحمت أربع جرافات عسكرية من نوع "دي 9" مخيم نور شمس، الذي لا يزيد أعرض شوارعه عن أربعة أمتار، ويقل إلى مترين في عمق المخيم، لتهدم بيوتاً ووتعيث خرابا بمحلات تجارية، وتدمر البنية التحتية.
مدير خدمات مخيم نور شمس، نهاد الشاويش، قال لـ"وفا": ما زلنا نحصي خسائر المخيم والأضرار التي لحقت به نتيجة هذه الهجمة البربرية، التي أرادت قتل كل شيء في المخيم، وبدأنا بالتنسيق مع الجهات المختصة بجولات لحصر الأضرار وتقييمها، وغداً سنصدر إحصاءات رسمية بكل ما يتعلق بالعدوان الأخير.
وأضاف: خلال العدوان ارتقى 14 مواطنا من المخيم، وأصيب 40 آخرون، واعتقل أكثر من 30، وهدم أكثر من 30 منزلا بشكل كلي أو جزئي، كما تضرر أكثر من 30 محلاً تجارياً على الشارع الرئيسي وداخل المخيم، وما زلنا نحصي أضرار البيوت والمحال وهي أرقام بالتأكيد سترتفع.
وأشار إلى أن جرافات الاحتلال دمرت منذ اللحظة الأولى لاقتحام المخيم شبكات الكهرباء والماء والاتصالات والصرف الصحي، وجرفت معظم شوارع المخيم وأزقته التي لم تعد صالحة للاستخدام.
وبيّن الشاويش أن أكثر من 100 قذيفة "انيرجا" أطلقت على منازل المواطنين في المخيم، من ضمنها 30 قذيفة على بيت واحد، وتسببت باشتعال النار في عدد منها.
مخيم نور شمس يقع على مسافة 3كم شرقي مدينة طولكرم، على الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس وطولكرم. وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بلغ عدد سكانه في منتصف العام 2023 نحو 7083 لاجئا.
أُقيم مخيم نور شمس عام 1952، على مساحة تقارب الـ230 دونماً، وقبل عام 1952 عاش اللاجئون في خيام في وادي جنين بالقرب من منطقة "جنزور" إلى أن دمرت عاصفة ثلجية خيامهم عام 1950، وبعد ذلك؛ لجأ السكان إلى المناطق المحيطة بوادي الشاعر، بما في ذلك السجن البريطاني القديم في نور شمس؛ حيث بدأت الأونروا ببناء المساكن عام 1956.
وسمي مخيم نور شمس بهذا الاسم نسبة إلى معتقل نور شمس الذي استخدمه الإنجليز منذ احتلالهم لفلسطين عام 1919م لسجن أصحاب الأحكام القاسية ممن حكم عليهم بالإعدام أو السجن لمدى الحياة.
تعود أصول اللاجئين في المخيم إلى القرى الواقعة في محيط مدينة حيفا، وهي: الكفرين، وقنير، وصبارين، وأم الزينات، واجزم، وعين غزال، وعرعرة، والغبية، وأم الشوف، واللجون، والشقيرات، وأم الفحم.