كارداشيان حين خانها الذكاء الاصطناعي

عبد الرحمن الخطيب

نوفمبر 8, 2025 - 09:13
كارداشيان حين خانها الذكاء الاصطناعي

عبد الرحمن الخطيب

لم تكن كيم كارداشيان أول من يثق في ذكاء لا يملك قلبا، لكنها كانت الأشهر بين من اكتشفوا متأخرين أن الآلة قد تخون، وإن لم تقصد ذلك، فحين جلست كيم للتحضير لاختبار القانون، استعانت بتطبيقات الذكاء الاصطناعي لحل الأسئلة ويشرح النصوص، وبدا الأمر ذكياً وسهلاً، حتى فوجئت بأن الإجابات الجميلة التي اطمأنت إليها كانت مليئة بالأخطاء، وأن اعتمادها على التقنية جرّها إلى رسوب متكرر.

في لحظة واحدة، تحوّل الذكاء الذي وعدها بالنجاح إلى خيانةٍ ناعمة، تذكّرنا جميعا بأن الآلة لا تفكر، بل "تتنبأ" فقط. ومن هنا تبدأ الحكاية: حكاية إنسان سلّم أدواته لعقل رقميّ، ثم نسي أنه هو العقل الحقيقي الذي يجب أن يقود.

الذكاء الاصطناعي ليس عقلاً إضافياً نمتلكه، بل انعكاس لبيانات سابقة يعيد تركيبها على نحو محتمل، أي أنه لا يفهم كما يفهم الإنسان، بل يتوقّع ما قد يبدو صائباً لغوياً. وحين نغفل هذه الحقيقة، نمنحه سلطة القرار بدل أن نحصره في نطاق المساعدة.

كيم أرادت السرعة، لكن السرعة في التعلم كثيرًا ما تختصر الطريق إلى الفشل، القانون مثل اللغة أو الفلسفة، يحتاج إلى فهم للسياق، إلى حدس ، إلى قراءة بين السطور، فلا يمكن لنموذجٍآليّ أن يعوّض تلك الخبرة الإنسانية التي تتكوّن من شكٍّ وتجربة وتعب متراكم، لذلك كان من الطبيعي أن تسقط النتائج المصنوعة من ذكاءٍ اصطناعي في أول اختبار حقيقيّ للمنطق البشري.

في عصرنا هذا، صار البعض يظن أن امتلاك الأداة يعني امتلاك المعرفة، والحقيقة أن الذكاء الاصطناعي لا يقدّم فكرًا جديدًا، بل يخلط ما توافر له من نصوص وأفكار، فحين تسلّمه زمام التحليل، يعيد إليك صدى الآخرين، كيم لم تخطئ حين استخدمته، بل حين جعلته بديلًا عن جهدها. المعرفة التي لا تتكوّن بالتعب والبحث تبقى سطحية، تُبهرك في اللحظة الأولى ثم تتبخّر حين تُختبر.

الفشل هنا ليس عيباً في التقنية، بل في طريقة التفكير التي تجعل الإنسان تابعا للأداة بدل أن يكون سيدها.

يُقال إن الذكاء الاصطناعي يهدد الإبداع، والحقيقة أنه لا يهدده إلا حين يُستخدم من قِبل مَن فقد الرغبة في الإبداع، فالأداة التي تُلهم المفكرين يمكن أن تُغري الكسالى، والفارق بين الاثنين هو في الهدف، فالأول يستخدمها لتوسيع أفقه، والثاني يستخدمها ليختصر الطريق، فلو تعاملت كارداشيان مع الذكاء الاصطناعي كمساعد يُعينها على الفهم، لا كمعلم يمنحها الإجابة، لتحوّلت التجربة إلى نجاح، لكنها اختارت الطريق السهل، فوجدت النتيجة الأصعب.

قصة كيم تذكير لنا جميعًا بأن الذكاء الاصطناعي لا يُفكر عنك، بل هو شريكٌ يحتاج إلى توجيه، لا إلى تبعية، لكي نستخدمه بذكاء، علينا أن نتذكّر أنه لا يفهم نوايانا، بل ينفّذ طلبنا حرفياً، وأن المعلومة التي يولدها تحتاج إلى تحقق بشري واعٍ قبل قبولها، وأن قيمته الحقيقية تظهر حين ندمجه في تفكيرنا دون أن نتركه يفكر بدلاً منا.

فشل كيم كارداشيان في اختبار القانون ليس إخفاقاً أكاديمياً فقط، بل رمز لفشل أوسع حين نغفل حدود التقنية، فالذكاء الاصطناعي لا يخطئ لأنه غبي، بل لأننا نطالبه بأن يكون إنسانًا، وحين نفهم هذه الحقيقة، سندرك أن الذكاء الحقيقي ليس في الأداة التي نملكها، بل في الطريقة التي نستخدمها بها.