حكومة عاجزة وقطاعات تتهاوى

بهاء رحال

نوفمبر 6, 2025 - 09:10
حكومة عاجزة وقطاعات تتهاوى

بهاء رحال

قد لا يعجب البعضَ هذا الكلام، وقد يزعجهم ما نقول، بيد أن الأمر لا يعني الإعجابَ أو عدمَه، لأن الواقع الصعب بات يستدعي أن تكون هناك خطواتٌ جادّةٌ على أكثر من صعيد، بعيدًا عن الوعود هنا ورفع سقف التوقعات هناك، فالحلول لا تأتي عبر الأمنيات، بل عبر خطط وبرامج إنقاذ سريعة وعاجلة، ولا تنتظر كل هذه الأشهر الطويلة.

الحكومات التي تعجز عن دفع رواتب موظفيها تستقيل، تبتعد عن المشهد، وتعلن عدم قدرتها على تقديم الحلول اللازمة، وهذا هو الطبيعي والمعهود عادة، أمّا أن تبقى الحكومة تدور في نفس الحلقة المفرغة طيلة الأشهر الماضية، وهي تراهن على استمرار صمت المواطن، وصبره الطويل، فهذا ليس حلًّا، لأن الموظف الذي بات مسحوقًا صبر طويلًا، ولا حلول تلوح في الأفق، الأمر الذي أثّر بشكل مباشر على مؤشرات الاقتصاد الوطني بشكل عام، وقد أصاب عصب كلّ المؤسسات والشركات والوزارات سواء التعليمية أو الصحية أو الاجتماعية.

صحيحٌ أن الحكومة لا تملك عصًا سحرية، وليس بوسعها ممارسة أيّ ضغطٍ على حكومة الاحتلال التي تسرق وتقرصن أموال الضرائب الفلسطينية، إلّا أنه ليس صحيحًا أن تواصل الحكومة دورها كلَّ شهرٍ في سحق الموظف الذي بات عرضةً لكلّ من هبّ ودبّ، وكرامته تُهدَر شيئًا فشيئًا، ولم يعد بوسعه الاحتمال أكثر.

لا يوجد بلدٌ على وجه الكوكب يحتمل موظفوه ويصبروا على حكوماتهم التي لا تسدد رواتبهم كاملة مدةً تزيد على 48 شهرًا، وتلك الشهور تجلّى فيها صبرُ الموظف والمواطن في مشاهد من العزّ والفخار، وقد تحمّلوا الكثير طيلةَ سنواتٍ أربع مضت، غير أن أحدًا لا يقدّر ذلك، بمعنى أن لا أحدَ يجد حلًّا صريحًا وواضحًا يُنقذ المجتمعَ الفلسطينيّ مما وصل إليه؛ وبالإطار نفسه، فإن المعروف والمعهود في كلّ حكومات الدنيا أنّها إن عجزت عن دفع التزاماتها وإدارة شؤونها المالية، فإنها تتقدّم باستقالتها ليأتي من يقدر على إنقاذ الواقع بما هو ممكن.

نعرف، يا دولةَ رئيسِ الوزراء، أنك تبذل جهودًا كبيرةً لإنقاذ الخزينة الخاوية، ولكن هذه المحاولات لم تُطعِم طفلًا، ولم تدفع قسطًا جامعيًّا، ولم تمنع حبسَ موظفٍ صدر بحقه قرارُ الحبس لأنه لم يدفع بضعةَ مئاتٍ من الشواقل. وهذه الجهود أيضًا لا تُضيء بيتًا بالكهرباء، ولا تدفع فواتيرَ الهاتف والإنترنت والمياه، ولا كشفية طبيب أو مراجعة مستشفى، وفي أبهى صور هذه الجهود فإنها كفلت للبنوك حقوقَها، بينما المواطنُ والموظفُ على حدّ سواء يعيشون ظروفَ السحق الأخير.