3 سيناريوهات ترسم مستقبل وقف إطلاق النار في غزة
يدخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مرحلة "رمادية" لم تتضح معالمها، بعد تنصل الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى بفتح معبر رفح أمام حركة المسافرين، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
تعرقل إسرائيل الدخول في تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تنص على استكمال انسحابها من قطاع غزة وتسليم إدارته للجنة مكونة من شخصيات فلسطينية مستقلة "تكنوقراط"، وتربط ذلك باستكمال تسليم جميع جثامين الجنود الأسرى لدى فصائل المقاومة بغزة، والتي تواجه صعوبة في انتشالها.
تواصل الخروقات رصدت الجهات الحكومية في غزة أكثر من 114 خرقا منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مما أسفر عن استشهاد 109 مدنيا، وإصابة 324 آخرين.
يقول إسماعيل الثوابتة مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن جيش الاحتلال نفذ منذ ذلك الوقت 51 عملية إطلاق نار استهدفت المدنيين بشكل مباشر، و9 عمليات توغل لآلياته داخل الأحياء السكنية متجاوزا ما يُعرف بالخط الأصفر، إلى جانب 52 عملية قصف واستهداف، و3 عمليات نسف لمبانٍ مدنية، فضلا عن اعتقال 21 مواطنا في مناطق مختلفة من قطاع غزة.
وحمّل الثوابتة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التداعيات الإنسانية والأمنية لهذه الخروقات، مؤكدا أن استمرارها يُعد تهديدا واضحا بنسف روح الاتفاق وانتهاكا لالتزامات إسرائيل أمام المجتمع الدولي والدول الضامنة.
دعا مدير المكتب الإعلامي الحكومي الرئيسَ الأميركي والدول الضامنة والوسطاء إلى تحمّل مسؤولياتهم، وممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لإلزامها بوقف خروقاتها، والإسراع بفتح المعابر بشكل كامل ودائم، وتسهيل إدخال الغذاء والدواء ومواد الإيواء، لضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية.
أمام هذه الحالة يرسم المشهد الميداني عدة سيناريوهات لمستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني ياسر أبو هين أن الاتفاق دخل اختبارا عمليا تتداخل فيه 3 مسارات: دفع أميركي موجه يتحدث عن تقليص "الخط الأصفر" وربطه بالأداء، مع أفكار "تسليم وظيفي مؤقت" وإدارة أمنية متعددة الأطراف.
تشدد إسرائيلي داخلي لفرض نزع سلاح حركة حماس مسبقا، وربط "اليوم التالي" بشروط أمنية قاسية.
وأوضح أبو هين أن مسار إدارة أزمة "طويلة" يتقدم على حساب "حسم حازم" ما لم يرفد الضغط السياسي والقانوني بأدوات رقابة دولية فعالة، وتوافق فلسطيني منظم على المرحلة المقبلة.
وفي استعراضه لتطورات المشهد، يرى أبو هين أن غزة دخلت مرحلة حرجة عقب اتفاق وقف إطلاق النار، تتميز بما يلي: البنية الهشة للاتفاق، والذي كشفته جولة التصعيد الإسرائيلي في 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتظهر مدى صعوبة الانتقال إلى اتفاق أوسع.
النفوذ الأميركي الكابح لإسرائيل، والذي يميل إلى الإغاثة والإعمار، وفي الوقت نفسه يتبنى فكرة تقسيم مؤقت للقطاع إلى مناطق، بعضها تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي تُضخ فيها أموال الإعمار، وأخرى تُستبعد من الإعمار ما لم تُسلم أسلحة فصائل المقاومة.
بينما تركز حماس على ضرورة تنفيذ المرحلة الأولى كاملة، بما يشمل توسيع إدخال المساعدات الإنسانية والوقود والمعدات الثقيلة للمساعدة في إزالة الركام وإصلاح البنى التحتية، تتبنى السلطة الفلسطينية خطابا يربط أي ترتيبات لاحقة لقطاع غزة بعودتها لإدارته.
يرسم الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة 3 سيناريوهات للمشهد في قطاع غزة، الذي يتسم بتحوّل الصراع من بعده العسكري إلى صراع إرادات سياسية حول شكل "اليوم التالي" وذلك استنادا إلى تضارب الأجندات ودرجة هشاشة الهدنة.
السيناريو الأول: إدارة الأزمة والمماطلة، والذي يستمر فيه وقف إطلاق النار بشكل متقطع وهش، دون التوصل الفعلي لترتيبات سياسية أو إعادة إعمار شاملة، وتواصل فيه إسرائيل فرض واقع جديد ميدانيا.
السيناريو الثاني: فرض التقسيم المؤقت، بحيث تنجح الإدارة الأميركية في فرض ترتيبات "مناطق آمنة" وتوفير مظلة أممية عربية لإدارة الشؤون المدنية والأمنية مؤقتا، على أن يتم الإعمار دون حل سياسي شامل.
السيناريو الثالث: الرهان الإقليمي الفلسطيني على دور الوسطاء القطريين والمصريين والأتراك، وأن ينجحوا في الضغط على إسرائيل ودفعها إلى الانسحاب الكامل، وفتح مسار سياسي فلسطيني موحد.





