"سيادة بدون اسم".. إسرائيل تُسرّع ضم الضفة الغربية

أكتوبر 23, 2025 - 09:42
"سيادة بدون اسم".. إسرائيل تُسرّع ضم الضفة الغربية

في السنوات الأخيرة، تزايدت مساعي الاحتلال الإسرائيلي إلى ضم الضفة الغربية من خلال توسيع نفوذه على أجزاء واسعة إلى ما وراء خط الهدنة لعام 1967.

في العام 2024، قالت محكمة العدل الدولية إن تل أبيب تجاوزت الحدّ نحو الضم الفعلي لأجزاء واسعة من الضفة الغربية، حيث نقلت الكثير من الصلاحيات في المنطقة إلى السلطات المدنية الإسرائيلية لبسط قوانينها.

وأشار تقرير مفصل صادر من مجموعة الأزمات الدولية تحت عنوان "السيادة من دون اسم: إسرائيل تسارع لضم الضفة الغربية" إلى أن تل أبيب بدأت فعليا في ضم أجزاء من الضفة وسارعت في ذلك بعد أن تولّى وزراء اليمين المتطرف مناصبهم منذ عام 2022.

وطالب التقرير الأطراف الخارجية بأن تواجه الواقع الذي خلقته إسرائيل لمنع ضم التوسع، وإيجاد سبل تتيح للفلسطينيين في الضفة العيش بكرامة وبحقوق أساسية.

كما طالب جميع الأطراف المعنية بالسعي نحو تغيير الواقع المعاش في الضفة الغربية، وأن تواجه تل أبيب بإجراءات ملموسة من العقوبات التجارية إلى قيود تصدير السلاح.

وأشار التقرير إلى أن التيار الاستيطاني في إسرائيل أصبح له تأثير قوي بعد تشكيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لحكومة 2022 التي شارك فيها سياسيون من أقصى اليمين يهدفون إلى التوسع داخل الأراضي الفلسطينية.

وأعلنوا صراحة نيتهم ضم الضفة الغربية وتشكيل دولة إسرائيل الكبرى.

وبعد تعيين بتسلئيل سموتريتش المعروف بعدائه الصريح للفلسطينيين وزيرا للمالية ووزيرا في وزارة الدفاع، بدأت طموحات المستوطنين تتحول إلى واقع ملموس.

إذ قام بطرد أعداد من الفلسطينيين من أرضهم ودفعهم للعيش في أماكن معزولة خاضعة لقوات الاحتلال.

وقد تم الكشف عن نشاطات التوسع هذه في الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024، والذي خلص إلى أن إسرائيل ضمّت أجزاء من الضفة الغربية بشكل غير قانوني.

ورغم أن إسرائيل بشكل عملي بدأت في ضم أجزاء من الضفة الغربية، كما أشارت إلى ذلك محكمة العدل الدولية، إلا أنها ما زالت تتردد في إعلانه رسميا.

لأن ذلك سيعزز الانطباع المتنامي بأنها دولة فصل عنصري وتنتهك القاعدة الدولية الجوهرية التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.

ومع تزايد حالات الاستيطان والتوسع في الضفة الغربية وتبني الاحتلال نظرية إسرائيل الموسعة، فإن بعض السياسيين في تل أبيب تطرح لديهم مشكلة حقوق الفلسطينيين في إسرائيل الموسعة.

وأمام هذا التوسع والاتجاه لمنع قيام دولة فلسطينية، فإن السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: ماذا سيفعل الفاعلون الدوليون الذين لا يزالون يعتبرون حل الدولتين ركيزة للسلام الإقليمي؟

في الواقع الملموس، يمكن القول إن المجتمع الدولي منح إسرائيل تفويضا شبه مطلق في ضمّها الزاحف للضفة الغربية، لأن الولايات المتحدة، صاحبة النفوذ الأكبر، قدّمت دعما كاملا لإسرائيل، بغض النظر عن التوترات الشخصية بين نتنياهو والرؤساء الأميركيين.

لكن الحرب على قطاع غزة وما تبعها من موجة الاعترافات بدولة فلسطين، أعطى إشارة إلى إمكانية اتباع نهج جديد يمكن من خلاله العمل على منع إسرائيل من التوسع وانتهاك حقوق الفلسطينيين.

وقد ينجح هذا المسار إذا قرر الاتحاد الأوروبي تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل وجعل تصدير السلاح مسألة ضغط في وجه سياسات التوسع.

كما أنه قد يساعد في نجاح المسار تبنّي الدول العربية المطبعة موقفا يقضي بأن العلاقات مرهونة بقضية الضفة الغربية.

وفي هذا السياق خلص التقرير الصادر من مجموعة الأزمات الدولية إلى أن العقبات أمام حل الدولتين طويلة الأمد وشديدة التعقيد، وكثير من المحللين يرونها مستحيلة التجاوز.

لكنه لا يوجد سيناريو يجعل استمرار الضمّ يقدم نتيجة أفضل للشعب الفلسطيني أو حتى للإسرائيليين.

ونبّه التقرير على أن إسرائيل لن تغير موقفها بسهولة، لكن إن تصرّف الفاعلون الخارجيون بصبر واستمرارية وتنسيق، فإنهم يزيدون فرص تغيير سلوكها.

أما في غياب ذلك فسيترسخ الوضع القائم أكثر، وهو ما يعني حرمان الشعب الفلسطيني من قيام دولته.

إنفوغراف الخطة الإسرائيلية لضم ٨٢% من الضفة الغربية.

ما الجديد؟ تعيد حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة هيكلة احتلالها للضفة الغربية، وذلك بنقل صلاحيات الحكم فيها من مؤسسات عسكرية إلى مؤسسات مدنية، بحيث تفرض تدريجيا سيطرة مؤسساتية دائمة عليها.

ومع اتساع سلطة القانون الإسرائيلي أكثر في المنطقة وتقلُّص المجال المتاح للاستقلال الفلسطيني، فإن جزءا كبيرا من المنطقة قد تم ضمه فعليا.

لماذا حدث ذلك؟ لقد عززت إسرائيل منذ وقت طويل انتشار المستوطنات، وأوجدت "وقائع على الأرض" تتوافق مع عملية الضم، بينما تفادت بعض الانتقادات بامتناعها عن الإعلان رسميا عن سيادتها على الضفة الغربية.

لكن الوزراء اليمينيون المتطرفون يُحدثون تغييرات قانونية غير مسبوقة، ويدعو عدد متزايد من الشخصيات الإسرائيلية البارزة إلى ضم الضفة رسميا.

ما أهمية ذلك؟ سواء أصبح الضم رسميا أم لا، فإن التغييرات التي أحدثتها إسرائيل تمحو ما بقي من اختلافات بين الحياة في مستوطنات الضفة الغربية والحياة في إسرائيل.

وبالنسبة لفلسطينيي الضفة، الذين تحرمهم إسرائيل من حقوقهم الأساسية، فإن هذه التحركات تقلص في الوقت نفسه احتمال إقامة الدولة وإمكانية أن يعيشوا حياة طبيعية في وطنهم.

ما الذي ينبغي فعله؟ ينبغي على الجهات الفاعلة الخارجية اغتنام فرصة دبلوماسية وقف إطلاق النار للتحرك، بدلا من انتظار ما يمكن المجادلة أنه ضم رسمي نافل للضفة الغربية.

وينبغي عليها استعمال نفوذها، بما في ذلك التجارة ومبيعات الأسلحة، للضغط على إسرائيل كي توقف ترسيخ الضم وتوسيعه، والشروع في عكس مساره.