استئناف الحرب بعد ستين يوماً.. المقاومة واقفة

حمدي فراج
لم يعد خبر "استئناف المفاوضات" بين إسرائيل وحماس يثير اهتمام الناس، كما كان يفعل في السابق، ولا تحقيق اتفاق من عدمه، فالاتفاق إن حصل، هو لمدة محددة (ستون يوما)، يطلق خلالها نصف عدد المختطفين، لم يعد هناك مختطف امريكي الجنسية، الجندي في الجيش الإسرائيلي "عيدان ألكسندر" لكي يتم تقديمه هدية مجانية لترامب، فلا يتجرأ إسرائيلي واحد على الاحتجاج على هذا التمييز العنصري، باستثناء أم أسير إسرائيلي قالت يومها انها كان يجب ان تسعى لأن يتجنس ابنها بجنسية أمريكا.
لم يعد "استئناف الحرب" بعد ستين يوما، أمرا مصيريا بالنسبة للمقاومة، ولا أمرا استراتيجيا بالنسبة لإسرائيل، فقد قال كل كلمته "فعليا" عبر 637 يوما، استنفذت فيها إسرائيل طاقاتها، ولم تستنفذ المقاومة كل طاقاتها، فلديها ما يزال محتجزون احياء وأموات، وأعادت وفق مصادر إسرائيلية تجنيد نحو 40 ألف مقاتل للمرة الثانية، وتشن هجمات قاتلة على الجنود، وتوقعهم بين قتيل وجريح ومختل نفسيا وعقليا أدى لانتحار اكثر من أربعين جنديا بمعدل جنديين في الشهر، وسبعة صواريخ على مستوطنات الغلاف منذ مطلع الشهر، وثلاثة ارباع انفاقها بخير، والأهم من كل ذلك التفاف شعبها حولها يحميها ويحرسها ويكرر شعاراتها ويمدها بكل ما تريد؛ أبناء ومقاتلين .
فماذا في الجهة المقابلة، نتنياهو كمجرم حرب مطلوب القبض عليه دوليا، وزيران من أكثر الوجوه كراهية في العالم، مظاهرات أسبوعية تملأ الشوارع الرئيسية، خلافات أيديولوجية عارمة، حريديم وعلمانيين واحتياطيين، ملايين يهرعون الى المخابئ لدى سماع كل صفارة ، اقتصاد يتدهور باضطراد، تصادم بين الامن والعسكر مع السياسيين، كل يتهم الآخر بالفشل، انكشاف ان إسرائيل دولة تابعة لامريكا، شأنها شأن أي دولة عالم ثالث، للدرجة التي تدفع ترامب ان يتدخل في قضائها وعدالتها، انكشاف هشاشتها امام صواريخ ايران لمدة 12 يوما فقط، لا ستين ولا ستمئة، رقابة عسكرية صارمة، تمنع تصوير آثار الإيرانيين على منشآتهم ومراكزهم وحتى شوارعهم، بمن في ذلك الاسرى الذين تحرروا من غزة، يمنعون من الظهور امام الاعلام ظهورا مجردا، خوفا من ان يتقدم احدهم بشكر حماس على معاملتها الحسنة خلال الاختطاف .
هذه جولة من النار، ستتوقف إن توقفت لمدة ستين يوما، لكنه صراع مفتوح منذ عشرات السنين، ما لم تحل جذوته من جذورها، فإنه سرعان ما ينفجر من جديد، ولا يظنن أحد ان الزعماء الممسكين على زمام سلطة اللحظة في أمريكا وإسرائيل، حكماء للدرجة التي يذهبون فيها لمعالجة ما هو أكثر من تبديل اسرى وادخال طعام عبر مراكز مسلحة ام بدون سلاح. وأظن ان تصنيف نتنياهو وفق فيلسوف صيني قديم هو المرتبة الأخيرة: أفضل الحكام من شابه الظل عند رعيته، يليه الحاكم الذي يحبون ويمدحون، فالذي يخافون ويرهبون، فالذي يحتقرون ويكرهون.