قراءة في جدارية جامعة الاستقلال الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الامنية

قراءة في جدارية جامعة الاستقلال
الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الامنية
محمد قاروط ابو رحمه
يقف المرء متأملا موليا وجهه شطر القبلة، خاشعا في صلاة، يصبو نحو الدائرة المطبوعة نافرة النقوش محملقا بها وكأنها الحروف السومرية، أو البدايات الكنعانية، في فلسطين الجذور التاريخية، أو تلك النقوش المجلوبة قصرا من تل العمارنة أو من تلة بلاطة، أو من واد النطوف، تحمل منجلها لتلتف حول سنابل سهلها الساحلي، تتمايل مع جدائل شعر عذاريها، لتلد مسيحا جديدا بأمر من الرب، يفدي إسماعيل على صخرة أقصاها، ويحوم حوله طير الفنيق، غامرا رأسه في فخار جرارها مشعلا نار الحرية ليحميها، ويضيء روابيها ليخط في يراعة الرسام أجمل معانيها.
هذه هي دائرة الحياة النافرة بحروفها نقشا مرسوما يعلن بدء دورانها في عجلة الزمان، مسننة متراكبة متوافقة مع باقي دوائر الوطن لتشكل حلقة جديدة في حلقات الأمل في الغد،
مع شمس الحرية تشرق من خلف تلالها، تدور حول الشمس لتخلق لنا فجرا جديدا مع كل بزوغ، وتكتمل دورتها مع قمرها لتتهادى بين فوصولها صيفا دفئا، شتاءا عطفا، ربيعا أملا، خريفا نضجا مثمرا، لتمتزج مع كروية الكون، وتكون فلسطين مركزها ومحورها .
أما مكوناتها فهي تنطق. كل واحدة منها تعبر عن ذاتها لوحدها، ثم تمتزج مع الكل لتشكل سيمفونية الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية بشكل متناسق ومتوازي ومتوالي، أو بكل أشكال الهندسة وفنونها:
· تبزغ من إطارها شمسا تحدث الناظر إليها وتوعده بفجر جديد ، لكنها في كل لحظة قد يحمل بزوغ شمس الحرية وحتما دولة.
· لذا وقف الجندي الفلسطيني شامخا مستعدا للذود عن الوطن بعد أن يتلقى علومه بفطنة واقتدار
· رافعا علمه ذو الألوان الأربعة: سود لياليها، بيض مواضيها، خضر مرابعها، حمر بواديها، متهيئا يلقي تحية العلم وينشد نشيد الوطن.
· نظره معلق بخارطة الوطن، فلسطين كاملة لا يشقها جدار، ولا يقسمها خط اخضر أو لون كان فالخارطة شاخصة بلا حراك لا ينقصها إلا نقطة تشير إلى القدس العاصمة فهي حتما قادمة
· مع ذاك الجندي القافز من دائرة اللهب نحو قدسه يحمل بندقية وسنبلة، قوة وأمل،
· بشاعوب الخصب، وطباخة الفخار طهيا ناضجا، ورجاء لا يفصله منشار عدو ولا مسنن إرهاب فهو مع:
· رجال الوطن ونساءه لبنة البناء، ومعول التشييد، يشكلون معا قصيدة العشق الأبدي لفلسطين وتراثها، فخارها وثوبها المطرز
· يعبدون الله سجودا في مسجدها، ويصلونا للرب دعاءا في كنائسها، في انسجام خلاق لا يعرف حد للتآخي فلا الدين يفرقهم ولا اللون يخلفهم، فهم فلسطينيون في ارض الرسالات عاشوا، وتعانق صليبهم مع هلالهم، ليشكلوا ثقافة مكتوبة
· في دواة مدادهم ممزوجة مع أشكالها الهندسية البارعة في مثلث العمل المتوالي أو منقلة المهندس الباني،
· أو أي نمط شئت، فأنت حين تنظر إليها تنظر إلي ذاتك بتباهي فأنت مدعوا
· لتأخذ شمعة وتضيئها مع فتاة الدائرة الشامخة التي تقرئ على ضوئها دستور البلاد الذي جسدها حارسة حلمنا وحاملة مجدنا وصانعة رجلانا فهذا حقها المتجذر
مع شجرة الزيتون ذات الزيت الذي يكاد يضيء ولو لم تمسسه نار، زيتونة لا شرقية ولا غربية بل
· فلسطينية مستقلة القرار قومية الأهداف إنسانية المطاف،
· سامية باسقة مع سعف نخلها تباهي الأمم في علوها وشموخها، خيرا وبركة وقدسية
أيها الناظر إلى دائرتنا قف وتأمل: فأنت مدعو للولوج في دائرة أكاديميتنا لنصنع معا غدا مشرق واعد ، منضبطا في دائرة التصميم ، ومثلث العلم ، ومنقلة التكوين، تفضل لتصبح احد مسننات دولابها، تدور مع شمسها في سماء حريتها لنصنع مجدا ودولة .
قراءة وتأمل
طلبة الدفعة الأولى من منتسبي الأكاديمية 2007-2008
اشراف برنامج تدريب القيادة الادارية، محمد قاروط ابو رحمه
إعادة قراءة وتحرير: د. محمد عودة غلمي
في الختام:
1- انا لا اعرف اسم الفنان الذي ابدع هذه الجدارية، لكن سيبقى من امر بانتاجها، ووافق على وضعها، ومن له الفكرة الاولى والعمل الاول في انجاز جامعة الاستقلال (الاكاديمية الفلسطينية للعلوم الامنية) سيبقى اسمه محفورا في وجدان شعبنا شكرا للاخ توفيق الطيراوي (ابو حسين).
2- النص الجميل مثل الزجاج لا يجزأ
3- هذا نص ساحر سيعيش طويلا
4- شكرا للدورة الاولى لطلبة الدبلوم الامنية في جامعة الاستقلال على هذه القراءة الرائعة.
5- في يوم الثلاثاء 18/1/2025، شاركت بمحاضرة بعنوان (تدمير التراث الثقافي في غزة) التي نظمتها وازارة الثقافة مع جامة الاستقلال (كلية العلوم الانسانية). استقبلنا عميد الكلية ورئيسة القسم بحفاوة، وكان من الاوائل الذين عملوا في الاكاديمية، لقد ذكر هو انه لا ينسى كيف كنت انا اجول بالمتدربين ليتعلموا بالمشاهدة ضمن برنامج القيادة الادارية التي كنت اقدمه لهم. بحث عن هذا النص الذي انتج محتواه طلبة الدفعة الاولى، كجزء من متطلبات برنامج تدريب القيادة الادارية، وقررت نشره.
6- لقد ساهم ادارة الندوة (الفعالية) التي قامت به الاستاذة ميس، وحضور الاستاذة نور اثر كبير ومهم في نجاح الفعالية. وشكرا للطلبة الذين شاركوا معنا.
7- ما كان لقراءة الجدارية مني ومن الطلبة ان تعيش طويلا لولا اللمسات الساحرة
للاخ د. محمد عودة غلمي التي اعطت في بلاغة نظم المفردات، وسحر جمع الفقرات، عمق مدهش، ومعنى عميق.
8- شكرا لكل من ساهم في اخراج هذا النص الى حيو الوجود.