"مفاوضات الخميس".. رهانات خاسرة لإنجاز صفقة تائهة

أغسطس 15, 2024 - 10:39
"مفاوضات الخميس".. رهانات خاسرة لإنجاز صفقة تائهة

تُجرى في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم، كما هو مقرر، مفاوضات التهدئة، في ظل أجواء متوترة ومشحونة ومفتوحة على احتمالات التصعيد، لا سيما في ظل المعطيات الجديدة التي ترافق المشهد السياسي بالمنطقة والتحركات الدولية والإقليمية الحثيثة لمنع الرد الإيراني على جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وكذلك رد حزب الله على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر، وحركة أنصار الله في اليمن، رداً على قصف ميناء الحديدة.


ولعل الجديد والمختلف في هذه المفاوضات عن سابقاتها هو امتلاك المقاومة الفلسطينية ورقة الردود الانتقامية من قبل إيران وحزب الله وأنصار الله، حيث أبدت هذه الأطراف استعدادها للتخلي عن فكرة الرد، إذا كان الثمن هو وقف حرب الإبادة على قطاع غزة، وهو ما يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني أكثر من الردود نفسها، لكنها لم تُسقط بأي حالٍ من الأحوال خيار الرد الذي تركت زمانه مجهولاً ومرتبطاً بما يجري في الدوحة على ما يبدو.


ويرى كتاب ومحللون سياسيون، في أحاديث منفصلة لـ"القدس"  و"القدس" دوت كوم، أن موقف حركة حماس يبدو أنه سيظل ثابتاً برفض أيّ تغييراتٍ جوهريةٍ في الإطار التفاوضي المعتمد، الذي يستند إلى قرار مجلس الأمن ومبادرة الرئيس الأمريكي.


وفي المقابل، يشير المحللون إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يضع قيوداً على صلاحيات الوفد الإسرائيلي، ويشير إلى نيته فرض شروط جديدة قد تعرقل أي تقدم فعلي في المفاوضات.


ولفت الكتاب والمحللون إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه حماس وإسرائيل، وتبقى إمكانية تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات مرهونة بتغيير موازين القوى في الميدان.

قمة الفرصة الأخيرة!
وقال الكاتب والمحلل في علم الاجتماع السياسي الدكتور محمد نجيب بو طالب من تونس لـ "القدس" و"القدس" دوت كوم: "إن المحللين السياسيين يُعطون قيمة كبيرة لقمة الدوحة المنتظرة، فيعتبرها البعض "حاسمة"، ويسميها آخرون بـ"قمة الفرصة الأخيرة". هذا صحيح بدرجة ما باعتبارها تأتي بعد تطورات مأساوية تعرفها المنطقة، خاصة بعد اغتيال إسرائيل مفاوضها الفلسطيني الرئيسي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وأين؟ في طهران".


وأشار بو طالب إلى أن مفاوضات اليوم الخميس ستدار في الدوحة بمشاركة رؤساء المخابرات في الدول المعنية بالوساطة وبالتفاوض، ولذلك معانٍ كثيرة، حيث تبدو مؤشرات نجاحها ضعيفة للأسباب التالية:
أولاً: عدم امتلاك الوسطاء آليات التحكم في إدارة المفاوضات بعد جولات سابقة تميزت باستمرار الطرف الإسرائيلي في المراوغة، وانكشاف أنّ نتنياهو يكسب الوقت لتنفيذ برنامج حرب الإبادة في غزة، والهروب من المحاسبة داخل إسرائيل. والدليل على ذلك ما وضعه من شروط إضافية تعجيزية، وقد وصل الوضع إلى فقدان هذا الطرف المتعنت لأدنى ضوابط الأخلاق السياسية عبر مواقفه الاستفزازية.


ثانياً: استمرار المساندة الغربية والأمريكية لإسرائيل بدعوى حمايتها من إيران وحلفائها في المنطقة، فكيف يمكن لوسيط يتوسط لإيقاف الحرب ويسعى إلى إنجاز صفقة تبادل للأسرى والمحتجزين، بينما هو بالمقابل يقرع طبول الحرب عبر إرسال حاملات الطائرات والبوارج إلى المنطقة، ويستمر في تزويد دولة الاحتلال بالأسلحة.


ثالثاً: ضعف الطرف العربي ضعفاً غير مسبوق، وفقدانه لأية حاضنة سياسية رسمية أو شعبية والدليل على ذلك الصمت الرهيب في مؤسسات جامعة الدول العربية وانكفاء العمل العربي إلى عمل مشرذم متثاقل لا ينبئ بوجود بوادر أمل لدعم جاد وفعال للقضية الفلسطينية.


وختم بو طالب بالقول: "لهذه الأسباب وغيرها لا نتوقع حصول توافقات بين الأطراف المجتمعة، إلا إذا كانت هناك مفاجأة أمريكية جادة بالضغط على الطرف الإسرائيلي الذي استهلكت أوهام انقسامه واختلافه كثيراً من طاقات التفاوض. ونحن لا نعتقد أن ذلك ممكن الآن في ظل استمرار التفاوت في توازن القوى بين الأطراف المتقابلة، وفي ظل فقدان العدالة في إدارة التفاوض وجولاته".

نتنياهو لن يتزحزح عن موقفه
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي المقدسي زياد أبو زياد لـ"القدس" و"القدس" دوت كوم: إن كل المؤشرات تؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يتزحزح عن موقفه الذي يسعى بكل الوسائل لإفشال أيّ فرصة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، لأن مثل ذلك يعني بالنسبة له خروج اليمين المتطرف المتمثل في بن غفير (عوتسماه يهوديت) وسموتريتش (الصهيونية المتدينة) من حكومته، وبالتالي انتهاء أجلها وفتح الباب للتوجه لانتخابات مبكرة، يعقبها تسريع إجراءات المحاكمة في قضايا الفساد المرفوعة ضده، وربما دخوله السجن.


وأشار إلى أنه في كل مرة كان الطرفان على وشك التوصل لاتفاق، قام نتنياهو بوضع شروط جديدة تضمن له رفض المقاومة لهذه الشروط وفشل المفاوضات، لأنه أصلاً لا يريد اتفاقاً، مؤكداً أن نتنياهو لا يكتفي برفع سقف التفاوض في كل مرة يقترب الطرفان من الاتفاق، بل دأب وبشكل مستمر على القيام بأعمال استفزازية من اغتيالات، وقصف أهداف مدنية وعسكرية، سواء ضد المقاومة الفلسطينية أو حزب الله أو غيرهما، لتصعيد الأجواء واستدراج المقاومة سواء في القطاع أو جنوب لبنان أو حتى إيران إلى رد فعل يزيد من توتير الوضع بالمنطقة، ويزيد من اقحام المنطقة في دائرة الفعل ورد الفعل، وصولاً للحرب الشاملة.

استمرار الحرب واستغلال الفترة المتبقية لإدارة بايدن
ويرى أبو زياد، الوزير عضو المجلس التشريعي السابق، أن هدف نتنياهو من التصعيد لا يقتصر على ضمان استمرار الحرب في غزة، وإنما محاولة استغلال الفترة المتبقية لإدارة الرئيس بايدن، واللعب على حبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين الديمقراطيين والجمهوريين، لجر أمريكا إلى القيام بعمل عسكري في إيران يهدف إلى شل البرنامج النووي الإيراني، وهو الهدف الاستراتيجي الذي تتوق إسرائيل إلى تحقيقه، ولكنها تفضل أن تقوم به أمريكا نيابة عنها.


وذكر أن أكثر من مرة احتج المفاوضون الإسرائيليون على مماطلة نتنياهو، كما احتج العديد من القادة السياسيين على تلك المماطلة، خاصة الجنرالات السابقين في الجيش الذين يقولون أن الحرب على غزة تحولت إلى حرب عبثية، دون أي هدف استراتيجي، لأن الحروب هي أصلا أدوات للوصول إلى أهداف سياسية، وليس الحرب من أجل الحرب. وأضاف: "إن هؤلاء الجنرالات يؤكدون أن الحرب على غزة تراوح مكانها منذ خمسة أشهر على الأقل، حيث كان بالإمكان التوصل لصفقة تعيد الإسرائيليين المختطفين وجثث القتلى منهم إلى أُسرهم، ولكان بالإمكان إنقاذ أراوح العديد من الجنود والضباط الذين يسقطون أثناء القتال في غزة بشكل شبه يومي، وكذلك خلق أجواء تتيح اتفاق سياسي في جنوب لبنان يسمح بعودة أكثر من ثمانين ألف إسرائيلي مهجرين من مستوطنات شمال إسرائيل إلى بيوتهم.

مطلوب تدخل دولي حازم
وأكد أبو زياد أن لا أحد يستطيع وضع اللائمة على المقاومة وفي مقدمتها حركة حماس، لأنها قبلت بمقترح الرئيس بايدن، ولا تطالب بأكثر من عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب، وأعني وقف نهائي للحرب، وعودة سكان شمال القطاع إلى أماكن سكنهم دون قيد أو شرط، وانسحاب القوات الإسرائيلية الغازية إلى خارج القطاع، وكل هذه هي من البديهيات، لأن رفض أي شرط منها يعني تكريس احتلال القطاع.


ورأى أبو زياد أنّ "ترك الموضوع لنتنياهو يعني استمرار الحرب والقتل ومسلسل الجرائم ضد شعبنا في القطاع"، مؤكداً أنه "من دون تدخل دولي حازم ضد نتنياهو، هناك خوف كبير من استمرار المفاوضات العبثية واستمرار انزلاق المنطقة نحو الحرب الشاملة". وقال: "أرجو أن يثبت نتنياهو خطأ تقديراتي، وأن يتم التوصل إلى اتفاق".

نتنياهو يبحث عن ذرائع
من جانبه، قال الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين لـ"ے": "نحن نتحدث عن فترة جداً ديناميكية، وفي هذا الأسبوع هناك الكثير من المتغيرات الواردة بشكل يومي والتي من شأنها أن تغير التحركات بكل ما للكلمة من معنى".


وأشار إلى أن "الترقب كان هذا الأسبوع حول الرد الإيراني واللبناني من عدمه. واضح أن نتنياهو يبحث عن ذرائع، فقد رأينا في البداية كيف أقر بمبعوث واحد وهو رئيس الوفد المفاوض رئيس الشاباك، وبعد ذلك تم إقرار الوفد بالكامل لذا هناك الكثير من التلاعب". ولفت إلى أن هذا التلاعب يأتي تحت مسمى نوع مشهد من الإرباك وعدم التيقن من الخطوة التالية، أي مشهد غير كلاسيكي ومن قلة المشاهد التي كانت في السابق، إسرائيل لا تتوقع الخطوة التالية لحماس في المسار التفاوضي، وباعتقادي هذا له أثره على سير المفاوضات.

اقتراب ذكرى 7 أكتوبر
وقال جبارين: "علينا أن ندرك أمرين اثنين فيهما نوع من النقيض. التساؤل الأول: إن هذه هي الطاولة الأولى التي يديرها السنوار، فهل نتنياهو معني أن يعطي السنوار جوائز؟ السؤال الثاني: نحن نقترب من السابع من أكتوبر، فهل إسرائيل يمكن أن تدخل إلى هذه الذكرى بدون صفقة وأسرى؟ هذان السؤلان النقيضان موجودان على الطاولة، وباعتقادي الجواب يكمن في المماطلة".


وأشار جبارين إلى أن "لقاء الدوحة عبارة عن مؤتمر إطار وليس عمقاً، وبالتالي يمكن أن يستغل نتنياهو هذه المماطلة، خاصة إذا كانت هناك تحركات عسكرية ميدانية في الأيام المقبلة ويمكن أن يتمسك بها نتنياهو كذرائع معينة لاطالة أمد المفاوضات، لعله يصعبها في البداية، ولكنه عاجلاً أم آجلاً سيضطر ويلجأ لها بكل ما للكلمة من معنى في غضون شهر سبتمبر/ مشارف أكتوبر".

لا صلاحيات حقيقية للوفد الإسرائيلي إلى الدوحة
وعقب الكاتب والمحلل السياسي، د. عبد المجيد سويلم، على مفاوضات التهدئة اليوم الخميس، في الدوحة، قائلاً: "إن حركة حماس مصممة على عدم قبول أي تغيير في إطار المفاوضات الذي أقر في قرار مجلس الأمن، والذي استند إلى مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن.


وأشار سويلم إلى أن الرد الإسرائيلي على إمكانية استئناف المفاوضات جاء على شكلين: الأول أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يمنح الوفد الإسرائيلي إلى مفاوضات الدوحة أية صلاحيات حقيقية، بل على العكس، قُيدت صلاحياته، والثاني أن نتنياهو يركز على مناقشة الإطار التفاوضي وليس تنفيذ ما تضمنته مبادرة بايدن وقرار مجلس الأمن.


وأضاف سويلم: هذا يعني أن نتنياهو يسعى لشرعنة 3 قضايا رئيسية، هي: البقاء في محور فيلادلفيا، والعودة إلى شمال غزة بشروط إسرائيل، وابقاء القيود الإسرائيلية على معبر رفح، ما يحد من إمكانية أن تكون حماس جزءاً من هذه المفاوضات.

إطاران مختلفان للمفاوضات
وأشار سويلم إلى أن هناك إطارين مختلفين للمفاوضات، وأن الولايات المتحدة لم تُبدِ معارضة حقيقية لما جاء في تصريحات نتنياهو بشأن تقليص صلاحيات الوفد الإسرائيلي، وهذا يعني أنه لا توجد إمكانية للوصول إلى اتفاق حقيقي، بل سنعود إلى موقف يسعى فيه نتنياهو لفرض شروطه.


ويرى سويلم أنه لا توجد إمكانية للذهاب إلى اتفاق، بل سنذهب مرة أخرى إلى أن هذا الوفد سيحمل المقترحات ويرجع بها إلى نتنياهو، الذي يريد فرض شروطه وبالتالي لا يوجد إمكانية لأية صيغة للاتفاق.


من جهة أخرى، لفت سويلم إلى الدور المشترك لمصر وقطر في محاولة إقناع الولايات المتحدة بضرورة التقدم في المفاوضات، مشيراً إلى أن مسألة وجود حماس أو عدمها ليست ذات أهمية كبيرة، بل الأهم هو الإطار الذي تحكمه المفاوضات.


وأعرب سويلم عن اعتقاده أن ما يحدث في الدوحة هو مجرد تظاهر بالمفاوضات، بدلاً من أن يكون مفاوضات حقيقية. وطرح مسألة وقف إطلاق النار في غزة، ثم وقف إطلاق نار في جنوب لبنان كون الجبهة هناك إسنادية لغزة.


لكن سويلم يرى أن فرض الشروط الإسرائيلية قد يجعل من الصعب تحقيق ذلك، خاصة مع الوضع الحالي بعد اغتيال فؤاد شكر.

الولايات المتحدة قادرة على وقف الحرب.. ولكن
ويرى سويلم أن الحديث عن إمكانية العودة إلى الحرب يشير إلى عدم وجود قاعدة حقيقية لإنهاء الحرب بشكل دائم، وأن الولايات المتحدة يمكنها أن تسهم في تحقيق وقف حقيقي لإطلاق النار من خلال إزاحة حكومة نتنياهو، وهو ما لم تفعله حتى الآن.


ووفق سويلم، "يبدو أنه لا توجد قاعدة لانهاء دائم للحرب بل الحديث عن إمكانية العودة للحرب متى يرى نتنياهو أن العودة إليها مناسبة، وبالتالي سيعود حزب الله إلى القتال، وهذه مسألة إن لم تحسم بشكل جدي فلا يمكن الحديث عن أية إمكانية لنجاح هذه المفاوضات".


وقال سويلم: "الأهم من ذلك أن الولايات المتحدة إذا أرادت وقفاً حقيقياً لإطلاق النار وإنهاء هذه المقتلة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فإن باستطاعتها ذلك، حتى لو كانت حكومة نتنياهو عقبة، بإمكانها أن تزيحها، وكل ما يجري الحديث عنه هو كذب لأن بإمكان الولايات المتحدة أن تسقط حكومة نتنياهو لو أرادت، ويجب أن تظل الكرة في ملعب الولايات المتحدة، وليس في ملعب حماس أو غيرها".

مطلوب موقف حازم من الوسيطين المصري والقطري
ولفت سويلم إلى أن الموقف المائع لمصر وقطر قد يلعب دوراً سلبياً ضد حماس، وهو ما يُحتم عليهما عدم الاستمرار في مفاوضات لا تحقق أي تقدم، ويجب عليهما القول بكل وضوح بأنهما كوسطاء لا يستطيعون الاستمرار بهذه المفاوضات لأن نتنياهو يريد أن يملي شروطه فيها، بالتوازي مع أن الولايات المتحدة لا تتخذ المواقف الحاسمة لانجاح المفاوضات.


ويرى سويلم أن الولايات المتحدة تبحث عن منع الحرب الإقليمية، بدلاً من البحث عن حل حقيقي، مما يجعل المفاوضات كملهاة سياسية تهدف إلى امتصاص ردود الأفعال الإيرانية وحزب الله على اغتيال اسماعيل هنية وفؤاد شكر دون التقدم نحو حل حقيقي.


ووفق سويلم، "فإنه في الوقت الذي يفترض أن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل، هي تغدق عليها المليارات والمساعدات العسكرية بصورة غير مسبوقة".


وأكد سويلم أنه أمام المنطق الذي يجري نحن ذاهبون إلى حرب لا مفر منها، لافتاً إلى أن التحشيد الذي يتم في البحرين الأحمر والمتوسط ما هو إلا تحضير لهذه الحرب، كما أن نتنياهو يريد جر المنطقة إلى حرب إقليمية لا تريدها إسرائيل، بل نتنياهو بشكل شخصي، إذا ما أخذنا بالاعتبار موقف الجيش والأمن ومواقف كثيرة إسرائيلية.


وأشار سويلم إلى أن حدوث الحرب في ظل واقع الأزمة التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي ربما تكون مدمرة، ولذلك هناك خشية حقيقية من الذهاب إليها، لكن نتنياهو يمسك بزمام الأمور حتى هذه اللحظة وهو حريص على تماسك الحكومة، ويعطي ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش صلاحيات واسعة إرضاءً لهم وحفاظاً على تماسك الحكومة الإسرائيلية.

ما يهم نتنياهو فقط تماسك حكومته
ولفت سويلم إلى أنه بالنسبة لنتنياهو ليذهب الجميع إلى الجحيم ما دامت حكومته متماسكة، وهذه هي الحقيقة، لذلك مرة أُخرى الكرة في ملعب الولايات المتحدة، وإذا لم تسقط هذه الحكومة فإنها لن تستطيع كما تدعي أن تتقدم خطوة واحدة حقيقية نحو وقف الحرب، والمقاومة ليست مضطرة أن تقبل بهذه الشروط.


وأشار سويلم إلى أن لعبة عض الأصابع لن تنفع مع حماس وإيران ومحور المقاومة، ولن يسمحوا أن يكون لإسرائيل الكلمة الأخيرة، وهذا هو الصراع الآن في الإقليم.


ويرى سويلم أنه يمكن تغيير شروط التفاوض لمصلحة حل متوازن، وهذا يعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لا تريد أن تضغط على إسرائيل.


وتوقع سويلم تصاعد المجازر في غزة بسبب عدم وجود بديل لدى نتنياهو سوى التصعيد العسكري، بينما تستعد حماس وفصائل المقاومة لمعركة طويلة الأمد، وتقتصد بإمكاناتها العسكرية استعداداً لذلك.


وقال سويلم: "من الطبيعي أن تراهن حركة حماس، وفصائل المقاومة في غزة على تطورات الأمور في الإقليم، وتطورها يعني أنه سيتعزز موقف المقاومة، ويزيد نزيف الموقف الإسرائيلي".


ويرى سويلم أن إسرائيل تواجه مأزقاً كبيراً وأن صراعها مع محور المقاومة يتعمق، مؤكداً أن تداعيات الاغتيالات الأخيرة تشير إلى تدهور الوضع داخل إسرائيل، ومحور المقاومة جعل الاغتيالات عبئاً على إسرائيل بدلاً من أن يكون لصالحها، وبدأت إسرائيل تدرك الخطر والخطأ الذي أدى بها لهذا الحال، وهو الانسياق وراء نتنياهو وتطلعاته وأيدلوجيته وائتلافه.

المفاوضات والحسم في الميدان
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، د. غسان الخطيب أن المفاوضات الجارية تعكس الواقع الحالي، حيث ستظل تراوح مكانها طالما أن واقع الميدان غير محسوم.


وأشار الخطيب إلى أنه في حال اقتربت الأوضاع الميدانية من الحسم، يمكن أن نشهد تقدماً في المفاوضات.
وقال الخطيب إن موقف حماس بأنها "ليست طرفاً في المفاوضات حالياً، يعود إلى عدم وجود تقدير من أي من الطرفين بإمكانية تحقيق مكاسب حقيقية من هذه المفاوضات، التي يعتبرها مجرد محاولة لإرضاء الرأي العام والولايات المتحدة".


وحسب الخطيب، لا يبدو أن هناك تقديراً لدى كلا الطرفين، الإسرائيلي وحماس، بوجود فرصة لتحقيق تقدم فعلي في المفاوضات.

إٍسرائيل تسعى لإعادة احتلال القطاع
ولفت الخطيب إلى أنه من الممكن تغيير شروط التفاوض للوصول إلى اتفاق، إذا ما تغيرت موازين القوى الميدانية، ما قد يؤدي إلى تليين بعض المواقف.


وأضاف الخطيب: "مع ذلك، فإن إسرائيل تعمل باتجاه إعادة احتلال غزة بشكل دائم ومستمر، حيث أن الانسحاب من القطاع سيعرضها لاحتمال العودة إلى الوضع السابق، كما أن إسرائيل تعتبر أنها دفعت ثمناً باهظاً لأجل البقاء في غزة، ولذا فإنها ستضطر للبقاء وعدم الانسحاب".


أما في ما يتعلق بإمكانية اندلاع حرب إقليمية، فاستبعد الخطيب حدوثها، موضحاً أن "إسرائيل صعب عليها الدخول في حرب دون موافقة أمريكية، التي بدورها غير معنية بحرب إقليمية، كما أن حزب الله لن يدخل حرباً دون موافقة إيران، التي ليس لديها مصلحة في التصعيد".

من يُعطل الصفقة هو نتنياهو
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد جرادات: إن المقاومة الفلسطينية ثابتة على موقفها، حيث إنها وافقت على الصفقة منذ نحو ثلاثة أشهر، والمعطل الحقيقي للصفقة هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.


وأوضح جرادات أن موعد منتصف آب الذي أُطلق إقليمياً ودولياً كان يهدف إلى الدفع نحو التوصل إلى صفقة واتفاق في غزة، لاحتواء الأزمة ومحاولة تجنيب المنطقة تبعات الحرب الإقليمية.


ويأتي ذلك، وفق جرادات، في وقت تتزامن فيه مفاوضات الدوحة مع إطلاق صواريخ على العمق الإسرائيلي في تل أبيب، ما يهدف إلى الحفاظ على توازن القوة والموقف، ولتؤكد المقاومة أن غزة ما زالت جزءاً من معادلة الجبهات في أي حرب مقبلة.


واعتبر جرادات أن الجولة الجديدة من المفاوضات تأتي في محاولة لتنظيف جريمة إسرائيل باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله فؤاد شكر.


ويرى جرادات أن المقاومة تدرك أن ما يحدث في مفاوضات الدوحة هو مجرد عملية إضاعة للوقت ولا ترغب في ذلك، لافتاً إلى أن المقاومة في الوقت ذاته تحافظ على تماسكها في المعركة، خاصة مع التوقعات بالتصعيد القادم في المرحلة المقبلة.

عدم مشاركة حماس في مفاوضات الدوحة
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د. سعد نمر: إن عدم مشاركة حماس في مفاوضات الدوحة يدلل على أنها كانت قد وافقت مسبقاً على الصفقة بصيغتها التي طرحتها الإدارة الأمريكية.


وأوضح نمر أن حماس تعتبر أن النقاشات الجديدة في مفاوضات الدوحة غير ضرورية في الوقت الراهن، لأن الكرة الآن في ملعب إسرائيل، كما أن حماس تنتظر بدلاً من ذلك خطة زمنية للتنفيذ ولا ترغب في مناقشة شروط جديدة، وهو ما يجعلها ترى أن المفاوضات الحالية لا طائل منها إن لم يكن هناك خطة وجدول زمني للتنفيذ.


وأكد نمر أن عدم التوصل إلى نتائج من مفاوضات الدوحة يبدو محتوماً، نظراً لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من يعطلها بإضافة شروط جديدة لا توافق عليها المقاومة.

شروط نتنياهو لتعطيل الاتفاق
وأشار نمر إلى أن هذه الشروط تتعلق بأمور مثل: أسماء المحتجزين الإسرائيليين، والفيتو على أسماء بعض الأسرى الفلسطينيين، والبقاء في محور فيلادلفيا، وعودة النازحين إلى الشمال تحت إشراف ورقابة إسرائيلية، كما أن نتنياهو يشترط التزاماً خطياً من الإدارة الأمريكية بالعودة إلى القتال بعد المرحلة الأولى من الصفقة، وهو ما ترفضه المقاومة.


ويرى نمر أن نتنياهو لا يسعى إلى إيقاف الحرب بل يهدف إلى استمرارها، حيث يسعى إلى توريط الولايات المتحدة في حرب إقليمية لاستعادة قوة الردع الإسرائيلية.


وأشار نمر إلى أن إسرائيل تستمر في قصف المدنيين، وارتكاب المجازر للضغط على المقاومة لتقديم تنازلات في المفاوضات.


ولفت إلى وجود خلافات بين المستوى السياسي والمستويين الأمني والعسكري في إسرائيل بشأن الحرب على غزة، خاصة في ظل الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي من حيث العتاد والجنود.