هل صحيح أن العلم سلاح الفتاة؟

هل صحيح أن العلم سلاح الفتاة؟
محمد قاروط أبو رحمه
تُفاجئ عند الحديث عن الفتيات والعلم بمقولة (العلم سلاح الفتاة، أو سلاح الفتاة العلم)، وهذا القول الدارج لا يصلح مثلا، وليس فيه حكمة.
والمثل هو الاحتجاج بالحقيقة الناتجة عن التجربة. والتجربة هي أم جميع المعارف. ومصدر المثل تجربة فردية يطبعه الاستعمال والشيوع، وجوامع الكلام، وفيه معنى ظاهر وباطن، الظاهر منه إشارة تاريخية إلى حدث معين كان سبب ظهوره، أما الباطن ففيه ما يفيد معناه من الحكمة وإرشاد وتشبيه.
أما الحكمة، فهي موعظة او نصيحة او عبرة للمستقبل.
المثل يعبر عن تجربة الماضي، والحكمة توجيه للمستقبل.
بعض الأمثال، والدارج من الأقوال التي توصف وتقدم على أنها حكمة غير صحيحة، وأحيانا فيها خطورة على سلامة رأس المال الاجتماعي، من قيمه وعاداته وتقاليده وأخلاقياته.
فمثلا، (بوس الكلب من ثمه حتى تأخذ غرضك منه) هذا يقال بمثابة حكمة، وهل تعلم النفاق، والخضوع والذل والمهانة حكمة؟.
ومن الأمثلة السيئة (عندما شاب أرسلوه إلى الكتاب)، وفي هذا المثل اساءة لاستمرار طلب العلم ودعوة لتوقف حياة كبار السن.
أما القول المتداول الذي يقول، سلاح الفتاة العلم او علم الفتاة سلاحها، فلا ينطبق عليه شروط المثل أبدا، وهو إن كان حكمة، فهي حكمة ضارة.
الضار في هذا المثل أنه يحول تعليم الفتاة من متطلب حضاري وإنساني لها وللمجتمع، إلى سلاح قتالي للفتاة تقاتل به مجتمعها.
العلم للفتاة، متطلب حضاري وإنساني يؤدي إلى قيام الفتاة بدورها تجاه نفسها من اجل ان تعيش سعيدة، ترفع ثقتها ينفسها، وتقوم بدورها في تطويرحياتها وحياة المجتمع، وتطوير قدرتها على إقامة علاقات صحيحة منتجة مع المجتمع بما في ذلك أسرتها.
والقول المتداول العلم سلاح الفتاة، يحول الفتاة إلى مقاتلة، تقاتل مجتمعها بالعلم، وليس تطوير قدرتها على التعاون مع المجتمع بالعلم.
عندما يتحول هدف العلم من الرقي بالفتاة، فكرا وسلوكا، إلى معسكر تدريب على استخدام السلاح ضد مجتمعها، فهذا تفكير ضار بالفتاة أولا ثم بالمجتمع.
عندما نبرمج عقول فتياتنا على أن حقوقهن مهضومة والزمن غدار والعلم سلاحها، فإننا ننتج ونساهم في تكوين فتاة تشعر بالظلم من مجتمعها، وذات شخصية مشوهة ومتناقضة ما بين من رباها وعلمها وبين مجتمعها.
كتبت الصديقة فدوى بركات على صفحتها على الفيس بك بتاريخ 1\12\2020، ما يلي:
"فعلا وإني لأستعجب من بني جنسي ممن ينادون بالمساواة وكأنهن أعلن أنهن ناقصات".
هذا اختصار لمستوى تعبئة الفتاة بمقولات مثل العلم سلاح الفتاة، والتي تُشعر الفتاة بالدونية وان لها حقوق يجب أن تقاتل من اجل الحصول عليها.
يقول الإمام علي رضي الله عنه، كل متوقع آت فتوقع ما تتمنى، فعلينا توقع الأفضل للفتاة وتربيتها على ذلك.
هذا لا يعني أن تتوقف الفتيات عن المطالبة بتحسين حقوقهن، فهذا أمر هام وضروري، ولكن على قاعدة العدالة وليس على قاعدة المساواة.
المساواة تضر بوظائف الفتاة وحياتها، والعدالة تحسن وظائف الفتاة وحياتها.
والسؤال الذي نوجهه للذين يؤمنون بهذا القول، والذين يتناقلوه:
ماذا لو أن أحدى فتياتكم لم يحالفها الحظ في التعليم لأسباب ذاتية خاصة بها او أسباب موضوعية لها علاقة بأسرتها؟، هل ستحكمون عليها مسبقا بالفشل؟! او تجبروها على خوض قتال بلا سلاح؟! او تهيئتها للهزيمة والاستسلام مسبقا؟!.
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ القلم 36!.
وأخيرا، أمهاتنا و جداتنا، حملن قيم تربينا عليها، وأخلاق أنارت ظلام العالم، حملن مسؤولية العائلة والمجتمع بقانون المحبة والإيثار وإنكار الذات والتحمل عند الصعاب، ولم يحملن السلاح إلا في وجه العدو، فلماذا يريد البعض تحويل المجتمع إلى عدو للفتاة وتحميلها سلاح لمقاتلته.