تعرّف على نفسك مرة أسبوعياً

أغسطس 31, 2024 - 10:13
تعرّف على نفسك مرة أسبوعياً

فراس عبيد

اغتنم تلك اللحظة التي تكون فيها متوازناً وفرحاً ومحاطاً بالطبيعة الجميلة، وحدك دون رفيق، واسأل نفسك: هل ما أفعله وأقوله يمثلني حقا؟
ستكتشف أنك لن تستطيع الإجابة إلا إذا سألت نفسك في تلك اللحظة الفريدة: من أنا حقا؟ ماذا أريد من الحياة؟ إلى أين تتجه أفكاري وتطلعاتي ومشاعري وميولي وهواياتي في هذه المرحلة من عمري؟ هل أنا موجود في الأمكنة الصحيحة؟ هل أنا متصادق ومتجالس مع الأشخاص الصحّ؟
حاول أن تنصت لصوت أنفاسك وتستمتع بها، بينما أنت تفكر في رسم معالم ذاتك، لأن أنفاسك تربطك بحقيقتك!
من أنا الآن؟ كيف أفهم نفسي؟ كيف أرسم خريطتي أو جزءاً منها؟
لا تقلق! ستتوارد في تلك اللحظة الفريدة الخواطر على ذهنك كدفق ماء عذب، وتمنحك الإجابات الجاهزة، أو تطرح عليك الأسئلة الصريحة التي ينبغي عليك الإجابة عليها دون تهرب أو تردد.
ستجد نفسك الجميلة وهي تقول لك بهمس، أو بصمت كلماتها النقية، المنيرة لك دربك، ستقول لك مثلاً:
جالس صديقك فلاناً أو صديقتك فلانة، كلما استطعت، فهما يمنحانك طاقة إيجابية رائعة، وتَخفف ما استطعت من مجالسة صديقك فلان أو صديقتك فلانة، لأنهما يبثان طاقة خوف وقلق وتشاؤم وإحباط وجهل!
بخصوص وضعك المالي، اذهب في اتجاه الاقتراض المحدود الميسّر، لا في اتجاه الاقتراض الكبير قصير المدى، وإذا استطعت أن تفلت من فكرة الاقتراض كلها فافلت.
بخصوص وضعك العائلي، يمكنك إدخال تعديل على نمط التعامل مع الزوج أو الزوجة في جانب الترفيه، ونوع الطعام المطبوخ، وإطار العلاقة الجسدية، وتنظيم برنامج الأبناء الأسبوعي.. على النحو الآتي..
بخصوص المساحة الشخصية الخاصة بك، ستزيد من الوقت المخصص للمشي، أو للجلوس في الليل، مستمعاً لأغنياتك المفضلة، أو للقراءة، أو لزيارة مدن أخرى، أو للتعرف إلى أناس جدد..
بخصوص أعمق وأجمل وأقدس مشاعرك وأفكارك ورغباتك، (وهي غير معروفة لأحد غيرك، إلا إذا بادرت أنت للإفصاح عنها، ولا أنصحك أبدا بالإفصاح عنها لأحد) اطمئنّ عليها، استشعرها، ثبتها في وعيك، وضع أفكاراً خلّاقة للبدء في تجسيدها.
بخصوص كيفية خدمتك للجنس البشري عامة، ولأبناء وطنك خاصة، يمكنك أن تبادر إلى تأسيس جمعية تعاونية تخدم طلبة الجامعات المعوزين، أو تؤسس مزرعة للخضار العضوية تباع ثمارها بأسعار في متناول الناس، أو تنظم لقاء ثقافياً أسبوعياً يرفع وعي الجمهور ويثري معارفه..
بخصوص ما يلزم تغييره في شخصيتك وأدائك وهيئتك وطريقة كلامك وانفعالك، احرص على أن لا تكون ودوداً أكثر من اللازم مع بعض الأشخاص اللئام، غيّر نوع بناطيلك الحالية إلى نوع يعطيك إحساساً بالراحة والفخامة معاً، تحدث مع الآخرين وأنت تنظر إلى عيونهم مباشرة، بثقة وبمحبة لا باستفزاز وتحدّ، كن واعياً على لغة جسدك وهي تساندك، احرص ألا تكون مشيتك متهدلة، لا تتجاوز موعد نومك الطبيعي..
بخصوص ما يجب الثناء عليه في شخصيتك وأدائك وهيئتك وطريقة كلامك وانفعالك، يطيب لك في هذا الوقت الجميل المبارك أن تثني على نفسك نظراً لنجاحك الكبير في عدم الانجرار إلى دائرة الاشتباك مع الناس ذوي الوعي المنخفض والعنيف، وضمهم إلى صفك وتحييد أذاهم. ويطيب لك في هذا الوقت الجميل المبارك أن تثني على نفسك نظراً لنجاحك في التعامل مع أبنائك المراهقين، كأصدقاء لك ضمن إطار الأبوة المتساهلة (يضع فيها الأبوان حدوداً قليلة)، بدل الأبوة الاستبدادية (يتخذ فيها الآباء القرارت بمشاركة بسيطة جداً مع الأبناء). ويطيب لك في هذا الوقت الجميل المبارك أن تثني على نفسك، لقدرتك على ضبط موعد نومك الطبيعي، وإعطاء انطباع جيد جداً عنك للناس، وفرزك للطيب من الخبيث ممن هم في دائرة تعاملاتك، وغير ذلك كثير..
لا تنتهي عملية التعرف على النفس وآمالها ومتطلباتها ومتجدداتها، لذا يلزم فعلاً تخصيص لقاء أسبوعي بينك وبين نفسك، للاستماع بعمق وبهدوء إلى كل ما تقوله لك.
ولا يصح أبداً أن تظل مستغرقاً في طريق الحياة الطويل الممتلىء بالتفاصيل وبالناس وبالأحداث، دون تمهل منك لمراجعة الأحداث وتحليل مواقف وأحوال الناس الذين تتعامل معهم، ودون مطالعة لأخبار نفسك (نفسك تذكّر!) واتجاهاتها وتوصياتها وأفراحها وأحزانها.
ولا تتفاجأ إذا أبصرتَ يوماً أن القرارات والتوصيات والتوجهات التي اعتمدتها في فترات خلوتك العظيمة، قد عادت عليك بالنفع العظيم، واختصرت عليك وقتاً وتعباً ومالاً، وأبعدت عنك خطراً وتعباً وحزناً.
انتبه قليلاً.. إن ذاتك التي تجلس معها أسبوعيا، وتستمع إليها، وتستمتع بتوجيهها وبحضورها في حياتك، هي ذاتك السامية (العليا) لا ذاتك (السفلى)، وذاتك السامية يمكنك أن تعرفها من خلال الإيجابية الدائمة في ما يصدر عنها تجاهك وتجاه الغير. فإذا لم يصدر عنها توجيه إيجابي وخيّر تجاهك أو تجاه الغير، فاعلم أن مصدر التوجيه أو الإيحاء أو الفكر هو ذاتك السفلى، أي عدوتك اللدود، فاحذرها، ولا تمنحها فرصة مجالستك.
إن مجالسة ذاتك الراقية السامية (العليا) هي متعة من أعظم متع الوجود، فاظفر بها ولو مرة أسبوعياً.